وقال رسول الله (ص): " أيما أمرؤ اشتهى شهوة فرد شهوته وآثر على نفسه، غفر له ".
وكان الإيثار من شعار رسول الله (ص)، ولقد قالت بعض زوجاته:
" أنه (ص) ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولم شئنا لشبعنا، ولكنا كنا نؤثر على أنفسنا ". وروي: " أن موسى بن عمران قال:
يا رب، أرني بعض درجات محمد وأمته. قال: يا موسى، إنك لن تطيق ذلك، لكني أريك منزلة من منازله، جليلة عظيمة، فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي. قال (88): فكشف له عن ملكوت السماوات، فنظر إلى منزلة كادت أن تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله، فقال: يا رب، بماذا بلغت به إلى هذه الكرامة؟ قال تعالى: بخلق اختصصته به من بينهم، وهو الإيثار.
يا موسى، لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتا من عمره إلا استحييت من محاسبته، وبوأته من جنتي حيث يشاء ". وسئل الصادق (ع): " أي الصدقة أفضل؟ قال (ع): " جهد المقل. أما سمعت قول الله عز وجل:
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟ ". وإيثار علي (ع) غيره في جميع أوقات عمره مشهور، وفي الكتب مسطور. ولقد آثر حياة رسول الله (ص) على حياته ليلة المبيت، فباهى الله به الملائكة، وأنزل فيه:
" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " (89).
ولقد كان الخواص من شيعته والمقتدون به في سنته وسيرته، يجتهدون في المحافظة على هذه الفضيلة مهما أمكن.
فصل علاج مرض البخل علاج مرض البخل يتم بعلم وعمل. والعلم يرجع إلى معرفة آفة البخل وفائدة الجود، والعمل يرجع إلى البذل على سبيل التكلف إلى أن يصير طبعا له. فكل طالب لإزالة البخل وكسب الجود ينبغي أن يكثر التأمل في أخبار ذم البخل ومدح السخاء، وما توعد الله به على البخل من العذاب