فالأولى لأمثالنا تركه مطلقا.
ومنها:
الغيبة وهي أن يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه، سواء كان ذلك بنقص في بدنه أو في أخلاقه أو في أقواله، أو في أفعاله المتعلقة بدينه أو دنياه، بل وإن كان بنقص في ثوبه أو داره أو دابته.
والدليل على هذا التعميم - بعد إجماع الأمة على أن من ذكر غيره بما يكرهه إذا سمعه فهو مغتاب - ما روي عن رسول الله (ص) أنه قال:
" هل تدري ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: " ذكرك أخاك بما يكره "، قيل له: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته ". وما روي: " إنه ذكر رجل عنده، فقالوا: ما أعجزه! فقال (ص): إغتبتم أخاكم، قالوا:
يا رسول الله، قلنا ما فيه. قال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه ". وما روي عن عائشة: " دخلت علينا امرأة، فلما ولت، أومأت بيدي أنها قصيرة، فقال (ص): اغتبتها ". وما روي أنها قالت: " إني قلت لامرأة مرة وأنا عند النبي (ص): إن هذه لطويلة الذيل. فقال لي: الفظي الفظي! فلفظت مضغة لحم ". وقد روي " أن أحد الشيخين قال للآخر إن فلانا لنؤم، ثم طلبا أدما من رسول الله ليأكلا به الخبز. فقال (ص):
قد ائتدمتما. فقالا: ما نعلمه، فقال: بلى! إنكما أكلتما من لحم صاحبكما ".
وأما ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " صفة الغيبة أن تذكر أحدا بما ليس هو عند الله بعيب ويذم ما يحمده أهل العلم فيه. وأما الخوض في ذكر الغائب بما هو عند الله مذموم وصاحبه فيه ملوم، فليس بغيبة، وإن كره صاحبه إذا سمع به وكنت أنت معافى عنه وخاليا منه، وتكون في ذلك مبينا للحق من الباطل ببيان الله ورسوله، ولكن على شرط ألا يكون للقائل بذلك مراد غير بيان الحق والباطل في دين الله عز وجل، وأما إذا أراد به نقص المذكور بغير ذلك المعنى، فهو مأخوذ بفساد مراده