فصل بواعث الحسد بواعث الحسد سبعة:
الأول - خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله. فإنك تجد في زوايا العالم من يسر ويرتاح بابتلاء العباد بالبلايا والمحن، ويحزن من حسن حالهم وسعة عيشهم فمثله إذا وصف له اضطراب أمور الناس وإدبارهم، وفوات مقاصدهم وتنغص عيشهم، يجد من طبعه الخبيث فرحا وانبساطا، وإن لم يكن بينه وبينهم عداوة ولا رابطة، ولم يوجب ذلك تفاوتا في حاله من وصوله إلى جاه أو مال أو غير ذلك. وإذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله وانتظام أموره، شق ذلك عليه، وإن لم يوجب ذلك نقصا في شئ مما له. فهو يبخل بنعمة الله على عباده من دون قصد وغرض.
ولا تصور انتقال النعمة إليه، فيكون ناشئا عن خبث نفسه ورذالة طبعه.
ولذا يعسر علاجه، لكونه مقتضى خباثة الجبلة، وما يقتضيه الطبع والجبلة تعسر إزالته، بخلاف ما يحدث من الأسباب العارضة.
الثاني - العداوة والبغضاء. وهي أشد أسبابه، إذ كل أحد - إلا أو حدى من المجاهدين - إذا أصابت عدوه بلية فرح بذلك، إما لظنها مكافأة من الله لأجله، أو لحبه طبعا ضعفه وهلاكه. ومهما أصابته نعمة ساءه ذلك، لأنه ضد مراده، وربما تصور لأجله أنه لا منزلة له عند الله، حيث لم ينتقم من عدوه وأنعم عليه، فيحزن لذلك.
الثالث - حب الرئاسة وطلب المال والجاه. فإن من غلب عليه حب التفرد والثناء، واستقره الفرح بما يمدح به من أنه وحيد الدهر وفريد العصر في فنه، من شجاعة أو علم أو عبادة أو صناعة أو جمال أو غير ذلك، لو سمع بنظير له في أقصى العالم ساءه ذلك، وارتاح بموته أو زوال النعمة التي يشاركه فيها، ليكون فائقا على الكل في فنه، ومتفردا بالمدح والثناء في صفته.
الرابع - الخوف من المقاصد. وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد، منهما يحسد صاحبه في وصوله هذا المقصود،