الثاني والثالث من اجزاء الغسل يعلم من ذلك أن ابتدائهما انما هو المنكب لان إرادة غسل الجزء العالي بالماء الذي امر بصبه على الجزء السافل غير صحيحة ما لم ينصب قرينة لكونه خلاف المتعارف فلا ينسبق إلى الذهن فيقبح ارادته من ذلك وهذا بخلاف إرادة غسله بالماء الذي يصب على الرأس وكيف كان فلا خفاء في ظهور مثل هذه الرواية في كون المنكب وما يسامته ابتداء الجزء الثاني وكذا لا تأمل في انصراف مجموع الرأس والوجه والرقبة إلى الذهن من اطلاق الرأس عند جعله قسيما للجسد والجانبين ولذا فهم الأصحاب من اخبار الباب وجوب غسل الرقبة مع الرأس دون المنكبين * (و) * يسقط الترتيب بارتماسة واحدة نصا واجماعا ففي صحيحة زرارة المتقدمة ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزاه ذلك وإن لم يدلك جسده وفي حسنة الحلبي إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزاه ذلك من غسله وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله قال نعم وفي مرسلة الحلبي قال حدثني من سمعه يقول إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزاه ذلك من غسله وهذه الأخبار حاكمة على ما دل على اعتبار الترتيب في الغسل ثم إن المتبادر من الارتماسة الواحدة ما يتصف في العرف بكونه كذلك بان يرتمس في الماء دفعة عرفية من دون تراخ لا الواحدة الحقيقية التي يتعذر تحققها عادة فحدوث الارتماس لا محالة تدريجي بمقتضى العادة نعم بقائه مرتمسا في الماء بعد الحدوث يتحقق في زمان واحد حقيقي والقدر المتيقن ارادته من الاخبار بحيث لا يعتبر به شبهة انما هو كفاية احداث الارتماس بان كان خارج الماء فأحدث هذا الفعل التدريجي الحصول ولذا خص بعضهم كفايته بمثل الفرض لا إذا نوى الغسل وهو في الماء ولو في الجملة ولكنك ستعرف ضعفه وكيف كان إذا أوحد هذا الفعل في الخارج يكون هذا الفعل الخارجي مجموعه غسلا وابتدائه الذي ينوى فيه انما هو أول الاخذ في الرمس كما عن المشهور لا انه إذا ارتمس في الماء واستوعب الماء على جميع بدنه تحقق الغسل دفعة في هذا الحين كما عن بعض القول به ومقتضاه بطلان الغسل لو نواه بوقوعه في الماء لا ببقائه وان قلنا بكفاية الداعي وعدم اعتبار القصد التفصيلي المقارن للعمل في صحة العبادة لان هذا انما يؤثر فيما لو كان الباعث على الفعل قصد القربة ولو اجمالا لا في مثل الفرض الذي نوى الامتثال بمقدمات العمل واتى بنفس المأمور به من باب الملازمة الاتفاقية * (نعم) * لو اتى بمجموع الفعل الذي يصدر منه في الخارج بقصد الغسل على وجه لم ينحل عزمه إلى البناء على عدم مدخلية البقاء في صحة غسل الاجزاء التي أصابها الماء قبل الاستقرار لاتجه القول بالصحة بناء على عدم اعتبار القصد التفصيلي المقارن للفعل لأنه اتى بنفس العبادة لله تعالى غايته انه زعم أن المقدمات أيضا داخلة في المأمور به وهو غير ضائر في صحة العبادة على الأظهر وكيف كان فهذا القول ضعيف مخالف لظاهر النصوص والفتاوى ويتلوه في الضعف ما احتمله في الجواهر بل قواه من كون ابتداء الغسل أول انات التغطية ومستورية الجسد في الماء وآخره آخر جزء الغسل في تلك التغطية فلا عبرة بما يغسل قبلها كمالا عبرة بما يغسل بعدها وانما العبرة بانغسال جميع جسده في تلك التغطية طالت مدته أم قصرت ومقتضاه كون الغسل دفعي الحصول إن لم يكن في بدنه مانع بحيث يحصل الماء إلى كل جزء منه عند صيرورته مغطى و تدريجي الحصول إن لم يكن كذلك فله الاشتغال بإزالة المانع في تلك التغطية ما لم يتحقق الفراغ منها وان طالت مدتها * (ومستند) * هذا الوجه هو ان الارتماس مأخوذ من الرمس وهو التغطية والكتمان فما دام لم يستتر بالماء لم يتحقق الارتماس ومهما ستره الماء فهو مرتمس إلى أن يخرج فالموجود الخارجي مصداق واحد لطبيعة الارتماس طال زمانه أم قصر * (وفيه) * ان المتفاهم من الأدلة انما هو كفاية انغسال الجسد بالكيفية التي تسمى ارتماسا وابتداء زمان حدوث الفعل ليس إلا أول انات الشروع فيه لا أول انات تحقق الرمس إذ ليس الارتماس الا كالتكلم في عدم توقف جزئية الجزء الأول على تحقق الوصف العنواني فان العبد المأمور بالتكلم إذا شرع في التلفظ فقد اشتغل بالإطاعة وإن لم يصدق الكلام على الجزء الأول مما يتلفظ به إذا لوحظ بانفراده ولا ينافي ذلك كونه من اجزاء الفعل المأمور به والمنساق إلى الذهن من قوله (ع) إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة انما هو إرادة غسل الجسد دفعة واحدة بالارتماس كما يشهد لذلك فهم الأصحاب لا مطلق غسله في تغطية واحدة كيفما اتفق بحيث عم ما لو كان على جسده حاجب فازاله في الماء بعد فصل معتد به فلا يجديه الاشتغال بالتخليل بعد حصول الفصل الطويل نعم لا بأس بالتخليل في زمان يتوقف غسل مجموع الجسد عليه في الافراد المتعارفة ونسب إلى بعض متأخري المتأخرين موافقة المشهور في كون الارتماس متدرج الحصول من أول انات الاخذ في الرمس إلى أن ينغمر في الماء لكنه لم يعتبر الدفعة العرفية فاجتزء بما لو نوى الغسل فوضع رجله مثلا ثم صبر ساعة بحيث نافى الدفعة العرفية فوضع عضوا آخر وهكذا إلى أن ارتمس اجزائه نظرا إلى خلو الاخبار عن اعتبار الدفعة وانما دلت على الارتماسة الواحدة في مقابل الترتيب وهي صادقة في الفرض * (وفيه) * ان المتبادر من الارتماسة الواحدة ليس إلا الوقوع في الماء دفعة لا تدريجا كما يشهد به الفهم العرفي * (وكيف) * كان فان اغتسل ارتماسا وبقيت من جسده لمعة لم يصلها الماء أعاد الغسل * (وقيل) * يكتفى بغسلها مطلقا وربما احتمل
(٢٤٧)