ثم يغسل فرجه ثم ليصب في رأسه ثلاث مرات ملا كفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كله الحديث وحمل الامر بضرب كف من الماء على الصدر وبين الكتفين على الاستحباب أو كونه توطئة لوصول الماء إليهما عند الإفاضة خلاف الظاهر هذا مع أن اطلاق الامر بإفاضة الماء على الجسد يدل على المدعى من حيث اطلاق الامر بإفاضة الماء على جسده كله من دون مراعاته الترتيب * (ومنها) * صحيحة حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك وأفض على رأسك وجسدك فاغتسل فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك أن لا تغسل رجلك وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك فان ظاهرها إرادة غسل الرجلين بعد الفراغ من غسل سائر الجسد فيدل على عدم اشتراط الترتيب بين الجانبين ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يراد بغسل الرجلين غسلهما جزء من الغسل أو لإزالة القذارة التي يتوقف عليها الغسل * (ومنها) * صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) في حديث قال قلت له رجل ترك بعض ذراعه أو جسده من غسل الجنابة فقال إذا شك وكانت به بلة وهو في صلاته مسح بها عليه وان كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلة فان دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شئ عليه وان استيقن رجع فأعاد عليه الماء وان رآه وبه بلة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان وان كان شاكا فليس عليه في شكه شئ فليمض في صلاته فان ظاهرها بمقتضى ترك الاستفصال كفاية غسل خصوص الموضع المتروك وان كان في الطرف الأيمن وهذا ينافي اشتراط الترتيب بل ظاهرها كفاية مسح الموضع بالبلة التي رآها فيه من دون حاجة إلى ماء خارجي ومن المعلوم عدم كفايتها على وجه يحصل معه الترتيب على تقدير كونه في الطرف الأيمن لكن يمكن حمل الامر بالمسح على الاستحباب وتنزيله على صورة الشك وهذا وان كان بعيدا حيث إنه (ع) صرح بعد ذلك بأنه ان كان شاكا فليس عليه شئ لكنه يقربه كون رؤية البلة امارة الغسل فيورث الشك كما يؤيده قوله (ع) وأعاد الصلاة باستبيان * (وكيف) * كان فالقول بعدم الترتيب بين الجانبين قوى جدا لكن مخالفة المشهور مشكلة خصوصا مع استمرار سيرة المتشرعة عليه بل ربما يستدل بها لهم ولكنه ضعيف لاحتمال حدوث السيرة ونشأها من فتاوى الأصحاب إذ لا وثوق بان أصحاب الأئمة عليهم السلام لم يكونوا يبتدؤن بالشق الأيسر الا بعد الفراغ من مجموع الأيمن حتى باطن الرجلين وعلى تقدير العلم بذلك لا يستكشف منه في مثل المقام الوجوب لكفاية مجرد الرجحان في مثل هذه الأشياء التي لا تحتاج إلى كلفة زائدة في استقرار السيرة عليها نظير غسل اليدين امام الوضوء وكيف كان فالاحتياط مما لا ينبغي تركه ثم لا يخفى انه على القول بالترتيب يجب غسل جزء من الطرف الأيسر عند غسل الأيمن وكذا جزء من الأيمن عند غسل الأيسر بحيث يحصل القطع بحصول غسل مجموع اجزاء الطرف الأيسر بعد الفراغ وغسل مجموع الطرف الأيمن وينبغي غسل مجموع العورتين ونحوهما من الاجزاء الواقعة في الحدود المشتركة مما يعد بنظر العرف جزء مستقلا مع كل من الجانبين ويحتمل كفاية غسلها مرة واحدة مع أحد الجانبين لعدم مساعدة العرف على استفادة إرادة التنصيف الحقيقي بالدقة الحكمية من الامر بغسل الطرف الأيمن ثم الأيسر فلا يبعد دعوى أنه لا يستفاد من ذلك عرفا الا وجوب تقديم ما يعد بنظر العرف نصف الجسد الأيمن ولو بنحو من المسامحة العرفية فتأمل وكيف كان ففي الحدود المشتركة التي حكمنا بوجوب غسلها مع كل من الجانبين لأجل المقدمة العلمية يمكن الاجتزاء فيها بغسلة واحدة عند انتهاء غسل الطرف الأيمن باجراء الماء عليها من جانبها الأيمن إلى الأيسر ناويا وقوع غسل ما هو جزء من الأيمن للأيمن وما هو جزء الأيسر للأيسر ولا يخفى عليك ان هذا انما يمكن تحققه في الخارج عادة بالنسبة إلى بعض الاجزاء المشتركة في كل غسل لا بالنسبة إلى جميعها دفعة واحدة في غسل واحد مثلا إذا حصل له الفراغ من غسل مجموع الطرف الأيمن مع ما يتوقف عليه من المقدمة العلمية الا من جزء منها كالسيرة مثلا يجوز الاقتصار فيها بغسلة واحدة للطرفين بالكيفية المذكورة واما الاقتصار على غسلة واحدة في جميع الحدود المشتركة على وجه يتحقق معه الترتب فهو متعذر بمقتضى العادة * (وقد) * اتضح مما ذكرناه حكم الحد المشترك بين الرأس والجانبين فإنه يجب غسل مجموعه مع الرأس والنصف الأيمن مع الأيمن والأيسر مع الأيسر ان اعتبرنا الترتيب بين الجانبين وإلا فلا يعتبر التنصيف بل يجزى غسل مجموعه مقدمة للعلم بغسل الجسد بعد الفراغ من غسل سائر الجسد كما هو ظاهر والمراد من الفصل المشترك بين الرأس والجسد انما هو أصل العنق لان الرقبة يجب غسلها مع الرأس بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه * (وما) * عن بعض المتأخرين من التشكيك في ذلك نظرا إلى عدم ثبوت كون الرأس حقيقة فيما يعمها فيحتمل وجوب غسلها مع الجانبين ضعيف لأن عدم ثبوت كون الرقبة من الرأس حقيقة كعدم ثبوت كون الوجه منه لا يمنع من ظهور اخبار الباب في إرادة غسلها مع الرأس فان المتبادر من قوله (ع) ثم صب على رأسه ثلاث اكف ثم على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين ليس إلا إرادة غسل ما فوق المنكب بالماء الذي يصب على الرأس وغسل ما تحت المنكب بالماء الذي يصب على المنكب فكما لا يمنع عدم صدق المنكب على ما عدا الخبر المعهود من الاستفادة المذكورة كذلك لا يمنع عدم صدق الرأس حقيقة على الوجه والرقبة سينا وحيث إن الإمام (ع) امر بصب الماء على المنكب لغسل الجزء
(٢٤٦)