كان رؤية الأثر موجبا للشك في وصول الماء إلى البشرة فيكون الجواب دليلا على عدم الاعتناء بالشك الساري بعد الفراغ من العمل وكيف كان فلا يظهر من الروايتين ما ينافي الأدلة المتقدمة فما عن المحقق الخونساري [ره] من نفى البعد عن القول بعدم الاعتداد ببقاء شئ يسير لا يخل عرفا بغسل جميع البدن اما [مط] أو مع النسيان نظرا إلى الصحيحة المتقدمة لولا الاجماع على خلافه ضعيف ثم إن مقتضى ظاهر المتن بل صريحه كصريح غيره من كلمات الأصحاب عدم وجوب غسل الشعر لذاته وانما يجب غسله مقدمة إذا توقف غسل البشرة عليه لكن في الحدائق بعد أن صرح بأنه هو الذي يفهم من كلام الأصحاب [رض] تصريحا وتلويحا وحكى عن ظاهر المعتبر والمنتهى والخلاف دعوى الاجماع عليه ونقل استدلال بعضهم عليه بالأصل وصحيحة الحلبي عن رجل عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم السلام قال لا تنقض المرأة شعرها ان اغتسلت من الجنابة قال وللنظر في ذلك مجال اما أولا فلمنع خروجه من الجسد ولو مجازا كيف وقد حكموا بوجوب غسله في يدي المتوضئ معللين تارة بدخوله في محل الفرض وأخرى بأنه من توابع اليد فإذا كان داخلا في اليد بأحد الوجهين المذكورين فاليد داخلة في الجسد البتة ولو سلم خروجه من الجسد فلا يخرج من الدخول في الرأس من الجانب الأيمن والأيسر المعبر بها في جملة من الاخبار واما ثانيا فلانه لا يلزم من عدم النقض في صحيحة الحلبي عدم وجوب الغسل لامكان الزيادة في الماء حيث يروى إلى أن قال واما ثالثا فلما روى في صحيحة حجر بن زائدة عن الصادق (ع) أنه قال من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار والتأويل بالحمل على أن المراد بالشعرة ما هو قدرها من الجسد لكونها مجازا شايعا كما ذكروا وان احتمل الا انه خلاف الأصل فلا يصار إليه الا بدليل إلى أن قال ويزيدك بيانا وتأكيدا ما روى عنه مرسلا من قوله تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة واستدل أيضا بالأمر بمبالغة النساء في غسل رؤسهن في حسنة جميل وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمتين وبقول الصادق (ع) في حسنة الكاهلي مرها ان تروى رأسها من الماء وتعصره حتى يروى فإذا روى فلا بأس انتهى ملخصا * (أقول) * دعوى صدق الجسد على الشعر حقيقة ممنوعة ومجازا غير مجدية وكذا دعوى صدق الرأس على الشعر المتدلي عليه وعلى اللحية غير مسلمة بل الرأس اسم للعضو المخصوص * (نعم) * اطلاقه عليه وعلى ما عليه من الشعر مسامحة شايعة ولا جلها لا نستبعد إرادة غسل المجموع من الامر بغسل الرأس بل لا يبعد دعوى ظهوره في إرادة ذلك لكن الاخبار الامرة بغسل الرأس والجانبين مسوقة لبيان الترتيب فلا يفهم منها الا وجوب غسل الأعضاء في الجملة واما غسل ما هو خارج من مسمى الجسد فلا فبهذا يفرق بين اليد في الوضوء والغسل ولكن الانصاف ان الشعر وان كان خارجا من حقيقة الرأس والجسد لكن المتبادر من الامر بغسل (الجسد كله عرفا كالأمر بغسل صح) الرأس والجانبين ليس إلا إرادة غسل جميع هذا الجسم المشاهد المحسوس أعني الجسد وما عليه من الشعر والمنكر لذلك مكابر لكنه انما يفهم إرادة غسل ما هو من توابع الجسد إرادة تبعية لا أصلية كما لو امر المولى عبده بإضافة زيد فإنه يدل بالدلالة الالتزامية العرفية على أن المراد إضافة زيد مع من لا ينفك عنه عادة من خدمه وحواشيه لكنه لا يفهم من ذلك وجوب من عد زيد الا تبعا فلو فرض حضور زيد بانفراده بخلاف عادته لا يجب على العبد احضار خدمه واضافتهم وان قصدهم المولى حين الامر كما هو ظاهر فإرادة غسل الشعر عند الامر بغسل الجسد والرأس من هذا القبيل وعلى هذا يشكل الفرق بين الوضوء والغسل فان تم الاجماع على وجوب الغسل في الوضوء فهو الفارق والا ففي وجوب غسل الشعر في يد المتوضئ أصالة بحيث لو بقي رأس شعرة جافا بطل الوضوء أيضا تأمل بل منع خصوصا لو فرض استقلالها بالملاحظة كما لو تعلق بشعرة جسم خارجي مانع من وصول الماء إليها فان الأقوى في مثل الفرض صحة الوضوء كما تقدمت الإشارة إليها في محله واما ما أورده ثانيا فالانصاف انه لا يخلوا عن وجه واما الاخبار التي استشهد بها فظهورها بل صراحة بعضها في وجوب غسل الشعر في الجملة غير قابل للانكار وما ذكره من أن ارتكاب التأويل في الصحيحة خلاف الأصل مسلم لكن الوجوب أعم من النفسي والغيري والأصلي والتبعي وانما يحمل لفظ الوجوب وكذا صيغة الامر عند الاطلاق على الوجوب النفسي الأصلي لا للوضع بل لقبح إرادة الوجوب الغيري وعدم بيان الغير فان الامر بالمطلوب الغيري والسكوت عن ذكر الغير ينافي المقصود فيحمل الطلب المتعلق بشئ عند الاطلاق على أن هذا الشئ هو المكلف به لذاته لا للتوصل به إلى واجب اخر هذا إذا كان بيان وجوبه الغيري متوقفا على بيان زائد واما لو تعلق الطلب بشئ وبما يتوقف عليه هذا الشئ كما لو قال المولى لعبده اذهب إلى السوق واشتر اللحم فلا يفهم من الامر المتعلق بذهاب السوق الذي هو مقدمة عادية لشراء اللحم وجوب مستقل غير وجوبه المقدمي حيث لا يترتب على ترك التقييد في الفرض قبح أصلا بل المتبادر عرفا من الأوامر المتعلقة بمقدمات الواجب داخلية كانت أم خارجية عرفية كانت أم عقلية أم شرعية ليس إلا الوجوب الغيري فلو فرض في المثال انه اشترى اللحم بسبب غير عادى من دون ان يدخل السوق فشك في تكليفه لتردده في أن ذهاب السوق بنفسه هل هو مما تعلق به الغرض أم لم يتعلق الغرض به الا لكونه مقدمة للشراء ينفى وجوبه النفسي بأصل البراءة ولا مسرح في مثل الفرض للتشبث باطلاق الامر لان الاطلاق على تقدير كونه واجبا غيريا بان مجرى العادة وحيث إن غسل شعر الرأس وبله واكثار الماء عليه من المقدمات العادية لغسل مجموع البشرة التي تحته لا يفهم من الامر به
(٢٤٢)