من غيرهم، ولكن نبينا الأكرم (ص) كان أكثر عمقا وأصالة في إدراكه لتلك الآثار، وأبعادها، وانعكاساتها على كل الأجيال، في مختلف الآجال، وعلى ذلك الجلال اللامتناهي، والعظمة التي لا تقاس.
وما ذلك إلا لأنه كان الرجل الأكمل والأفضل والأول في كل شئ:
في عقله، في حكمته، في عمق إدراكه، في شجاعته، في كرمه، في حلمه، في كل صفاته الحميدة التي هي صفات الانسان الأول والمثال والقدوة.
إذن، فيكون هو الأفضل من الكل، لان عصمته أكثر عمقا وأصالة، وأبعد أثرا، وأوسع أفقا. وعلى ذلك فهو أكثر تفاعلا وانسجاما مع الله في عباداته، وأشد خشية له تعالى.
علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل:
كما أننا حين نواجه الحديث القائل: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل (1)، لا نستطيع أن نعتبره ناظرا إلى هؤلاء العلماء الذين نعرفهم ونعيش معهم، والذين لا يمتنع أو فقل: يحتمل أن تصدر منهم بعض الهفوات، ويرتكبوا بعض الصغائر، إذ من غير المعقول أن يكون هذا الرجل الذي يحتمل في حقه أن يذنب، مثل ذلك المعصوم، الذي لا يحتمل في حقه ذلك ولا يصدر منه، أو لا يخطر بباله الذنب أصلا.
وتوجيه ذلك بأن المراد: أنهم مثلهم من حيث المعرفة والعلم وسعة الأفق، لانهم اطلعوا على ما لم يطلع عليه أولئك الأنبياء من أنواع المعارف الدينية، والتاريخية وغيرها.
هذا التوجيه لا ينسجم مع منطق القرآن، الذي يجعل ملاك الموازنة، ثم التفاضل هو التقوى والعمل الصالح: (إن أكرمكم عند الله