وهذا الاسلام قد جاء ليطلق أعدى أعدائه، في أدق الظروف، وأخطرها في مقابل تعليمهم لعشرة من غلمان المسلمين، مع أنه ربما تكون الاستفادة من فداء هؤلاء الاسرى، أو استخدامهم في مهمات المسلمين، أو جعلهم وسيلة للضغط السياسي على قريش، له أهمية كبيرة بالنسبة لهذا المجتمع الناشئ، الذي يولد في مجتمع يرفضه، ويحاول القضاء عليه، وأمامه طريق طويل وشاق من النضال والكفاح من أجل الحياة والبقاء، وإقامة الدولة الاسلامية، ونشر تعاليم رسالة السماء.
معاملة الاسرى:
ويلاحظ: أن المسلمين الذين ذاقوا الامرين على أيدي المشركين، يظفرون الان بعدوهم، ويصير أولئك الذين عذبوهم بالأمس، وأخرجوهم من ديارهم، وسلبوهم أموالهم، وقطعوا أرحامهم - يصيرون - أذلاء في أيديهم، وتحت رحمتهم. فماذا تراهم صانعين بهم؟ أو بأي نحو وكيفية سوف يأخذون بثاراتهم منهم؟
التوقعات كثيرة، ولكن ما جرى كان مخالفا لكل التوقعات، فهم لم يحاولوا أن يأخذوا بثاراتهم، ولا اغتنموا الفرصة التي أتيحت لهم، بل صدر الامر لهم من القائد الأعظم بكلمة واحدة: استوصوا بالأسرى خيرا.
فأطاعوا الامر، وشاركوهم في أموالهم حتى كان أحدهم يؤثر أسيره بطعامه (1).
هذه من علاه إحدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها