وأفضلهم في كل الصفات الكريمة، والأخلاق النبيلة العالية، ولأنهم أيضا لا يمكن أن يشذوا عن مقتضيات الفطرة، وسنن الجبلة الانسانية. وحين يكون عقلهم من القوة بحيث لا تستطيع سائر القوى الباطنية من الشهوات والغرائز أن تخدعه، وتسيطر عليه، بل هو الأقوى دائما، وهو الذي يتحكم بها، وينظمها، ويسيرها، ويهيمن عليها.
فإذا كان الأنبياء والأئمة كذلك، فإنهم - ولا شك - سوف يكونون معصومين بحسب فطرتهم وجبلتهم عن الاقدام على أي ذنب أو عمل مشين، كما لا يقدم الطفل على النار، والعقلاء على تناول السم، وعلى أي شئ يرونه مضرا بشخصيتهم، وبوجودهم، وبمصيرهم، ومستقبلهم.
فكمال العقل وإدراكه لما يضر وينفع، وللحسن والقبيح، وكماله في معرفة الله سبحانه، وعظمته وجلاله، وإحاطته وقدرته، وحكمته وتدبيره، ثم معرفته بصدور الأمر والنهي، مع عمق الايمان لديه بالمعاد، وبالعقاب والثواب.
نعم إن ذلك كله، بالإضافة إلى ما قدمناه، يجعل من الاقدام على فعل المعصية والقبيح أمرا غير متصور ولا مقبول لحصول المنافرة والمضادة بينه وبينها، ولأجل ذلك فإننا إذا عرفنا شخصا ووقفنا على كل حالاته، وملكاته، وقدراته، وأفكاره، وطموحاته، فإننا لا نصدق عليه ما ينسب إليه من أفعال لا تتناسب مع ما عرفناه عنه. وكلما تأكد لدينا رسوخ ذلك في نفسه، وفي فكره، واطلعنا على مستوى قدراته، فإن تصديقنا بصدور ما لا ينسجم مع ذلك يصبح أبعد وأصعب.
وبعد ما تقدم، فإنه إذا كان الانسان في صدد الابتعاد عن القبيح، الالتزام بالحسن، فإن التوفيقات الإلهية، والعنايات الربانية سوف تشمله. (ولينصرن الله من ينصره) (ومن يتق الله يجعل له فرقانا)، (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم).