في سبيل دينهم وعقيدتهم.
وهذا من شأنه أن يبعث الرعب في قلوب المشركين، الذين يقاتلون من أجل البقاء في هذه الدنيا، والتمتع بلذاتها وخيراتها حسب زعمهم.
وإذا كان المسلمون ساكتين واجمين، فإن ذلك يزيد الجو رهبة، ويؤكد ويزيد الخوف والرعب في قلوب المشركين، الذين سوف تزيد حيرتهم حيث لا شئ يشير إلى طبيعة الحرب التي سوف يخوضونها، ومستواها، والاتجاه والطابع الذي سوف يعطونها إياه.
وأما قول أبي جهل عن المسلمين: ما هم إلا أكلة رأس إلخ. فهو لا يدل على عدم الرعب لدى المشركين، لأنه لم يقل ذلك إلا على سبيل التشجيع لأصحابه. ولا سيما بعد أن رأى ترددهم وجبنهم عن المواجهة.
أضف إلى ذلك: أننا لابد أن نتذكر هنا: أنه تعالى في بعض مراحل المواجهة قد قلل المشركين في أعين المسلمين، وقلل المسلمين في أعين المشركين، ليقضي أمرا كان مفعولا، ولسوف يأتي الكلام في هذا في أواخر الفصل التالي إن شاء الله تعالى.
ب: نظرة في عروض النبي (ص) على المشركين:
لقد حاول النبي (ص) أن يكلم المشركين من الزاوية التي ينظرون منها، وتتلاءم وتنسجم مع فكرهم ومنطقهم، وتتلاقى مع مصالحهم التي يدعون أنهم جاؤوا يحاربون من أجلها. وذلك حينما قال لهم: " فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا ". فإن هذا ينسجم مع حبهم للرياسة والزعامة، الذي كان من القوة والطغيان فيهم بحيث جعلهم يؤثرون تلك الرئاسات والزعامات على كل علاقاتهم النسبية والقبلية، ويحاربون قومهم، وحتى آباءهم وأبناءهم في سبيلها.
ثم هو يقول لهم: " وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري ". وهذا