معنويات المسلمين والعنايات الربانية:
ولما بلغ المسلمين كثرة المشركين، خافوا، وتضرعوا إلى الله.
وعن أبي جعفر الباقر " عليه السلام ": لما نظر النبي " صلى الله عليه وآله " إلى كثرة المشركين، وقلة المسلمين، استقبل القبلة، وقال:
" اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض "، فنزلت الآية: ﴿إذ تستغيثون ربكم، فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. وما جعله الله إلا بشرى، ولتطمئن به قلوبكم﴾ (١).
فالامداد بالملائكة إذن، ليس إلا لتطمين، وإعطاء توهج روحي للمسلمين، الذين يحسون بالضعف، ويستغيثون ربهم، حسب مدلول الآية الشريفة.
ثم ألقى الله النعاس على المسلمين، فناموا، وقد ذكر الله سبحانه ذلك، وإرسال المطر عليهم، فقال: ﴿إذ يغشيكم النعاس أمنة منه، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم، ويثبت به الاقدام﴾ (2).
نعم، لقد كان ذلك النعاس ضروريا لفئة تواجه هذا الخطر الهائل، وهي تدرك أنها لا تملك من الامكانات المادية شيئا يذكر لدفعه. نعم، لابد من هذا النعاس، لئلا تستبد بهم الوساوس في هذا الليل البهيم، الذي تكبر فيه الأشياء وتتضخم، فكيف إذا كانت الأشياء كبيرة بطبيعتها؟
وقد كان هذا النعاس ضروريا أيضا ليحصل لهم الامن والسكون:
" أمنة " ولتقوى قلوبهم بالايمان والسكينة، حتى لا يضعفوا عن مواجهة