يأخذوا المهاجرين أخذا، ليعرفوهم ضلالتهم، وأن يجزروا أهل يثرب جزرا، حتى لا يتجرؤوا على ممالاة عدو لهم أبدا، وكي لا يستطيع أحد أن يعترض طريق تجارتهم، وتهابهم العرب. نعم هذا هو المهم لدى جماعة متهالكة على المال والجاه والدنيا. ولأجل ذلك بالذات آذوا النبي (ص) ومن معه، وأخرجوهم، وحاربوهم، وهم أبناؤهم، وإخوانهم وآباؤهم، وذووا قرابتهم.
فالدنيا بالنسبة إليهم هي كل شئ، وليس قبلها ولا بعدها شئ.
وهذا ما دفعهم لارتكاب تلك الجرائم والموبقات تجاه ذويهم: فمارسوا ضدهم مختلف أنواع التعذيب، والسخرية، ثم أخذ الأموال، والاخراج من الديار. ثم الحرب العوان لجز أصلهم واستئصال شأفتهم.
ج: الهزيمة، وعدم تكافؤ القوى، والامداد بالملائكة:
قد يحدث أن يغلب جيش قليل العدد نسبيا جيشا أكثر عددا، وذلك حينما تكون ثمة امتيازات في هذه القلة تفقدها تلك الكثرة، كالتسلح، أو الانضباطية، أو البراعة، أو كونها تملك خطة حربية معينة.
ولكن الامر كان بين المسلمين والمشركين بالعكس تماما، فالتجربة الحربية، والكثرة، والسلاح، والعدة وغير ذلك قد كان في جانب المشركين، مع عدم وجود خطة حربية معينة، بحدودها وتفاصيلها لدى المسلمين. وإنما هم يواجهون حربا فرضها عليهم عدوهم في الزمان والمكان الذي أراد.
مع وجود امتيازات لصالح المشركين حتى في هذه الناحية أيضا.
أما أسلوب الحرب، فلا جديد فيه، وإنما على كل من الفريقين أن يعتمد الأساليب المعروفة. وفي قريش بعض مشاهير فرسان العرب، الذين امتازوا في الحروب التقليدية بخبرتهم، وبعد صيتهم.