الرسول (ص) لم يكن ليقتل أحدا بيده الشريفة، حسبما ستأتي الإشارة إليه في الجزء - السادس - من هذا الكتاب.
فلابد من القول بأن وجدان الرسول (ص) له دونهم، قد جعل من غير المصلحة أن يقتل ذلك الرجل.
أنين العباس في الوثاق:
وعلى كل حال، فقد كان من جملة الاسرى عباس وعقيل. وقد سهر النبي (ص) ليلة، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا نبي الله؟
قال: أنين العباس. فقام رجل من القوم، فأرخى من وثاقه، فقال رسول الله (ص): ما بالي ما أسمع أنين العباس؟ فقال رجل من القوم:
إني أرخيت من وثاقه شيئا. فقال:
" فافعل ذلك بالأسارى كلهم " (1). وهذه هي الرواية القريبة والمعقولة، التي تمثل عدل النبي (ص) ودقته في مراعاة الأحكام الإلهية، وصلابته في الدين. وهي المناسبة لمقامه الاسمي، وما عرف عنه من كونه لا تأخذه في الله لومة لائم. لا تلك الروايات التي تمثل النبي (ص) متحيزا إلى أقاربه، وأنه هو الذي طلب منهم أن يرخوا من وثاق العباس فقط، فإن النبي (ص) لم يكن ليرفق بأقاربه، ويعنف بغيرهم. والرواية التي تقول هذا لم ترد على الوجه الصحيح والكامل.
إلا أن يقال: إن علم النبي بأنه قد خرج مكرها، فكان ذنبه أخف