على المال، قد جعلهم يستحقون العذاب العظيم، الذي إنما يترتب على سوء النيات، وعلى الاصرار على مخالفة الرسول، والنفاق في المواقف والأقوال والحركات، لا سيما مع وجود رأي يطالب بقتل بني هاشم الذين أخرجهم المشركون كرها ونهى الرسول (ص) عن قتلهم. مع ملاحظة:
أنه لم يشترك من قوم صاحب ذلك الرأي أحد في حرب بدر.
وأما الخطأ في الرأي مجردا عما ذكرناه فلا يوجب عقابا.
وثمة كلام آخر في تفسير آخر (1) قد أضربنا عن ذكره لعدم استقامته.
وخامسا: إنه قد جاء: أنه لما كان يوم بدر تعجل الناس من المسلمين، فأصابوا من الغنائم، فقال رسول الله (ص): لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كان النبي - يعني من السابقين - إذا غنم هو وأصحابه جمعوا غنائمهم، فتنزل نار من السماء على كلها. فأنزل الله عز وجل: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم.
فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) وقد قوى الطحاوي هذه الرواية في شأن نزول الآية فراجع (2).
الرسول يخطئ في الاجتهاد.
وبعد بطلان ما ذكروه ونسبوه إلى النبي (ص)، وبطلان أن تكون الآية عتابا له (ص)، يعلم عدم صحة استدلالهم بهذه الآية على جواز الاجتهاد، والخطأ فيه على النبي (ص)، فإن النبي (ص) لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. وما نسبوه إلى النبي (ص) باطل ولا يصح. هذا عدا عن الأدلة القاطعة الدالة على أن كل ما يصدر منه (ص) حق، وموافق للحق والشرع، ووفق أوامر إلهية قاطعة.