بين رأي عمر، ورأي ابن معاذ:
لقد روى الطبري عن محمد بن إسحاق، قال: لما نزلت هذه الآية: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى). قال رسول الله (ص): لو نزل عذاب من السماء لم ينج إلا سعد بن معاذ، لقوله: يا رسول الله، الاثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال (1).
ولعل هذا هو الصحيح، ولكن قد حرف لصالح الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، لأهداف لا تخفى.
وإنما قلنا: إنه هو الصحيح، لأنه أسد الآراء، وهو الموافق لمراد النبي (ص)، أما رأي عمر، فقد كانت تعوزه الدقة والموضوعية، كما سنرى إن شاء الله، وكذلك سائر الآراء، فإنها لم تكن صادرة عن نوايا سليمة، ولعلها أو بعضها كانت بإيحاء وطلب من المشركين أنفسهم، كما تقدم عن الواقدي.
وأما أبو بكر وغيره من الأنصار، فقد تقدم أنهم أصروا على أخذ الفداء، طمعا بالمال، وطمعا في أن يخففوا من حدة عداء قريش لهم.
وأيضا لان فيهم الاخوان والاهل والعشيرة - على حد تعبير أبي بكر - ولان هذا الأخير قد وعد الاسرى بأن يبذل جهده لصالحهم، كما تقدم عن الواقدي.
وقد حاولوا أن يقنعوا النبي (ص) بوجهة نظرهم، ولو بالأساليب العاطفية، كقولهم له: " أهلك، وقومك، وأسرتك، أتجذ أصلهم ". كما أن أبا بكر قد أقام دليلا مصلحيا على ذلك، وهو أن يتقوى الملمون بما يأخذونه من الفداء.
ولكن النبي (ص) ظل يكره ذلك، ولا تقنعه أقوالهم، فإن رأي ابن