وسجية وشهامة، وأريحية فيهم، مهما كانت هويتهم وانتماؤهم، وأيا كان موقفهم، لأنه هو الانسان الكامل ورسول الانسانية، فهو الذي يستطيع أن يدرك تلك الصفات والسجايا، ويقدرها أكثر من أي إنسان آخر.
ومن هنا، فقد كان موقفه واحدا من جميع أولئك الذين أحسنوا السيرة والتصرف - لو مرة - وكذا كان موقفه من الذين أكرهوا على الخروج.
ولم يكن ليختص بموقفه هذا أقاربه وأهل عشيرته، فإنه لم يكن يتأثر في مواقفه بعواطف نسبية، بل ليس من مصلحته ذلك في مثل هذا الموقف من وجهة نظر المنطق، والتصرف العقلاني السليم.
3 - وهو بالتالي يقدر، ويفهم الظروف الصعبة التي كان يعاني منها البعض، بحيث تفرض عليهم قريش موقفا لا ينسجم مع رغائبهم وقناعاتهم، أو على الأقل مع ميل وهوى نفوسهم، وإن كانوا مدينين من جهة أخرى، حيث كان بإمكانهم أن ينصروا الحق، وأن يقفوا موقفا عقلانيا سليما، كما فعل غيرهم ممن أسلموا، وعرضوا أنفسهم للرزايا والنكبات عن رضى واختيار منهم حتى نصرهم الله تعالى وجعل كلمة الحق هي العليا.
النبي (ص) يستشير في أمر الحرب:
لما كان المسلمون قرب بدر، وعرفوا بجمع قريش، ومجيئها، خافوا وجزعوا من ذلك، فاستشار النبي " صلى الله عليه وآله " أصحابه في الحرب، أو طلب العير.
فقام أبو بكر، فقال: يا رسول الله، إنها قريش وخيلاؤها، ما آمنت منذ كفرت، وما ذلت منذ عزت. ولم تخرج على هيئة الحرب.
فقال له رسول الله (ص): اجلس، فجلس، فقال (ص): أشيروا علي.