على الطاعة، مقهورون على الابتعاد عن المعاصي؟!.
وإذا كانوا مجبرين على ذلك، فما هو وجه الفضل لهم؟! ولماذا لم نجبر نحن على مثله؟! ولماذا يعرضنا الله تعالى للوقوع فيما لا يرضى، ثم يعاقبنا على ذلك بالعذاب في النار، وحرماننا من الجنة؟!.
ثم إن من يكون مجبرا على الطاعة، وعلى الابتعاد عن الذنب، هل يحسن إثابته بالجنان، وإبعاده عن العقاب والعذاب بالنيران؟!.
الجواب:
إن العصمة عن الوقوع في الذنوب والمعاصي اختيارية، والكلام حول هذا يحتاج إلى شئ من التفصيل، فنقول:
الاسلام والفطرة:
إن من يدرس تشريعات الاسلام ويتدبر تعاليم السماء، يخرج بحقيقة قاطعة، وهي: أن تلك التعاليم والتشريعات منسجمة كل الانسجام مع طبيعة الانسان وفطرته، لو لم تطغ على تلك الفطرة عوامل غريبة عنها وافدة عليها. حتى إنك لتجد بعض من عاش في الجاهلية - كجعفر بن أبي طالب، على ما رواه عنه في الأمالي (1) وآخرين غيره - قد حرم على نفسه الكذب، وشرب الخمر، والزنا، وعبادة الأوثان.
كما أن قيس ابن الأسلت قد فارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، وأمر بتطهر الحائض من النساء، وأمر بصلة الرحم إلخ (2). وعبد المطلب أيضا كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثهم على مكارم الأخلاق،