ملاحظة:
ونحن نلاحظ هنا: أنه (ص) لم يحكم ببطلان عمل البراء، ولا لامه على ما فعله، ولا أمره بالصلاة إلى جهة الشام، غاية ما هناك أنه أعلمه أنه قد استعجل الامر.
وقد يستفاد من هذا: أن موافقة الحكم الانشائي مقبولة إلى حد ما، ومجزية أيضا، بل يمكن أن يدعي أن النبي (ص) نفسه كان يمتثل هذا الحكم الانشائي، فكان يتوجه إلى بيت المقدس، جاعلا الكعبة بين يديه، ثم في المدينة نسخ الاتجاه إلى بيت المقدس من الأساس، بجميع مراتبه، ولم يكن يمكن استقبال الكعبة وبيت المقدس معا، فلم يكن ثمة خيار في ترك بيت المقدس، إلى الكعبة.
إلا أن يقال: إنه ليس في المقام حكم إنشائي، بالنسبة إلى الكعبة، بل كان الحكم بالتوجه إليها فعيلا، إما على نحو التشريك مع لزوم التوجه إلى بيت المقدس حيث لا مندوحة، وإما على نحو التخيير كذلك أيضا لمصلحة وقتية في ذلك.
تحول المصلين كيف كان:
وهنا أيضا رواية تقول: إنه لما أخبر بنو عبد الأشهل بتحويل القبلة، وهم في الصلاة، وقد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس، تحول النساء مكان الرجال، والرجال مكان النساء، وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة، فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين (1).
وفي رواية أخرى: أن جبرئيل أخذ بيد النبي (ص)، فحول وجهه