الواقع له، ورؤيته مفسدته ومصلحته رأى العين، هذا بالإضافة إلى أنه أوسع وأعمق معرفة بجلال وعظمة الله تعالى وملكوته وأشد احساسا بحضور الله معه، بخلاف سائر المكلفين، فإنهم قد لا يعرفون علل كثير من الاحكام، ولا اطلاع لهم على عظمة وجلال وملكوت الله بنسبة اطلاع الأئمة والأنبياء، فقد يشتاقون إلى بعض المعاصي، ولكنهم يمتنعون عنها تعبدا وطاعة لله ليس إلا.
وخلاصة الامر: إن مستويات الناس مختلفة، فتختلف درجات التزامهم، والعلماء عادة يكونون أكثر التزاما، وإن كان ربما يوجد من بينهم من يضعف عقله أمام شهواته وغرائزه، فيضعف التزامه، وتقل نسبة معصوميته عنها في غيره، وهؤلاء قليلون جدا بل ربما لا يوجدون في العلماء الحقيقيين، ولذا نجد الله تعالى يتمدحهم بذلك فيقول: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (1).
التوضيح والتطبيق:
إن الأنبياء، ثم الأئمة، بسبب التوفيقات والعنايات الإلهية وفوق كل ذلك بسبب الوحي والاتصال بالسماء، وبسبب أنهم إنما انتقلوا من الأصلاب الشامخة إلى الأرحام المطهرة، فلم يرثوا إلا الصفات الحميدة والكمالات الفريدة. نعم بسبب ذلك صاروا هم القمة في سعة إدراكهم لاثار ومناحي السلوك الانساني، والقمة أيضا في إدراك الواقع الذي يواجهونه، وما يترتب عليه من آثار ونتائج، إن سلبا وإن إيجابا على المدى البعيد والقريب على حد سواء، إدراكا حقيقيا لا يقبل الشك ولا الترديد.
وهم القمة في الملكات والقوى الفكرية والنفسية الفاضلة، وهم أحكم الناس حكمة، و أعقلهم عقلا، وأشجعهم شجاعة، وأكمل الخلق،