ولعل ذلك قد كان منه قبل أن يواجه المشكلة، ويحتاج إلى العمل بآرائه، أي قبل أن يتشدد في المنع من رواية حديث النبي (ص) وكتابته، وقبل أن يمنع الصحابة من الفتوى ويحصر حق الفتوى بالأمير، أو من يختاره الأمير.
وربما يكون ذلك منه مختصا بأولئك الذين يفتون الناس بآرائهم، دون إجازة من الحاكم أو الأمير.
ولعل التوجيه الأول هو الأنسب بسياق كلامه، حيث ينسبهم إلى الجهل بالسنن، فعارضوا السنن بآرائهم.
إلا أن يدعى: أنه يريد أن غير الامراء لم يكن لديهم علم بالسنن والعلم بها محصور بالأمراء. وهذا كلام لا يمكن قبوله، ولا الموافقة عليه، لمخالفته الظاهرة للبداهة وللواقع.
أصدق الحديث:
وقد أوضح لنا الإمام الصادق " عليه السلام " - فيما روي عنه - سبب لجوئهم إلى الرأي، والقياس في دين الله، ثم ما نشأ عن ذلك. وهي شهادة ممن كان حاضرا وناظرا، وقد شاهد وعاين، وخبر الأمور، ووقف على أغوارها، واستكنه أسرارها، فهو يقول:
" يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء علماء، قد أثبتوا جميع الفقه والدين، مما يحتاج إليه الأمة!!
وليس كل علم رسول الله (ص)، علموه، ولا صار إليهم من رسول الله (ص) ولا عرفوه.
وذلك أن الشئ من الحلال، والحرام، والاحكام، يرد عليهم، فيسألون عنه، ولا يكون عندهم فيه أثر من رسول الله (ص). ويستحيون