بخلاف ما تنطوي عليه نفوسهم وجوانحهم بعد أن اتضح لهم: أنه لا يسعهم إلا التسليم للامر الواقع، وكذلك فعلوا ريثما تسنح لهم الفرصة للوثبة، وتسديد الضربة - كما قال أبو سفيان: والآن لو كان لي رجال -.
2 - الحسد لرسول الله (ص) على ما آتاه الله من فضله، وعدم رغبتهم في أن يروا الناس يتأسون بنبيهم، ويطبقون أعمالهم وسلوكهم على أعماله (ص) وسلوكه، ولا يريدون أن يتناقل الناس سيرته، وأقواله، ومواقفه (ص).
3 - ضعف الاعتقاد لدى الكثيرين منهم، ولا سيما من أسلم لتوه بنبوة رسول الله (ص)، ولا يرون في ذلك أية فائدة أو عائدة.
المنع في الحديث بعد وفاة النبي (ص):
أما بعد وفاته (ص)، وتسلم قريش لازمة الحكم والسلطان، فقد رأت أن مصلحتها تكمن في المنع من رواية حديث الرسول، ومن كتابته، ومن العمل به. بل وجمع كل ما كتب في عهده (ص)، ثم إحراقه بالنار.
وهكذا كان. وقد تابعت سياساتها هذه بقوة وبحزم كما سنرى.
أهداف هذه السياسة:
وأما عن دوافع هذه السياسة وأهدافها، ثم ما نجم عن ذلك من آثار ونتائج فذلك ما سوف نفصله في فصل مستقل يأتي إن شاء الله تعالى، بعد إلقاء نظرة موضحة على المسار العام لهذه السياسة.
البادرة الأولى: حسبنا كتاب الله:
وغني عن البيان هنا: أن أول مواجهة مباشرة وصريحة لرسول الله (ص) في هذا الخصوص، ومنعه هو شخصيا من كتابة ما يريد، هي ما