جذوره وأسبابه، ثم عن نتائجه وآثاره.
وبكلمة أوضح وأصرح:
إن ما لدينا هو - في الأكثر - تاريخ الحكام والسلاطين، وحتى تاريخ الحكام هذا، فإنه قد جاء مشوها وممسوخا، ولا يستطيع أن يعكس بأمانة وحيدة الصورة الحقيقية لحياتهم ولتصرفاتهم ومواقفهم، لان المؤرخ كان لا يسجل إلا ما يتوافق مع هوى الحاكم، وينسجم مع ميوله، ويخدم مصالحه، مهما كان ذلك مخالفا للواقع، ولما يعتقده المؤرخ نفسه، ويميل إليه.
ومن هنا، فإننا لا نفاجأ إذا رأينا المؤرخ يهتم بأمور تافهة وحقيرة، فيسهب القول في وصف مجلس شراب، أو منادمة لأمير أو حاكم، أو يختلق أحداثا، أو شخصيات لا وجود لها، ثم يهمل أحداثا خطيرة، أو يتجاهل شخصيات لها مكانتها وأثرها العميق في التاريخ، وفي الأمة. أو يشوه أمورا صدرت من الحاكم نفسه، أو من غيره، أو يحيطها - لسبب أو لاخر - بالكتمان، ويثير حولها هالة من الابهام والغموض.
دراسة التاريخ:
إذن، فلابد لمن يريد دراسة التاريخ والاستفادة من الكتب التاريخية والتراثية، من أن يقرأها بحذر ووعي، وبدقة وتأمل، حتى لا يقع في فخ التضليل والتجهيل.
فلابد له من أن يفتح عينيه وقلبه على كل كلمة تمر به. ويحاول قدر المستطاع أن يستنطقها، ويستخلص منها ما ينسجم مع الواقع، مما تؤيده الدلائل والشواهد المتضافرة، ويرفض أو يتوقف في كل ما تلاعبت به الأهواء، وأثرت عليه الميول والعصبيات.