وليس ذلك بالامر اليسير والسهل، ولا سيما فيما يرتبط بتاريخ الاسلام الأول الذي هبت عليه رياح الأهواء الرخيصة والعصبيات الظالمة، وعبثت به أيدي الحاقدين، وابتزت منه رواءه وصفاءه إلى حد كبير وخطير.
ماذا نريد:
ونحن بدورنا في كتابنا هذا لسوف نحاول استخلاص صورة نقية وواضحة قدر الامكان عن تاريخ نبينا الأكرم " صلى الله عليه وآله وسلم ".
ولسوف ينصب اهتمامنا بصورة أكثر وأوفر على إبعاد كل ذلك الجانب المريض من النصوص، المجعولة تاريخا، مع أن الكثير منها لا يعدو أن يكرن أوهاما وخيالات، ابتدعها المحدثون المغرضون والقصاصون الأفاكون، وأصحاب الأهواء والمتزلفون.
ميزات أساسية في تاريخ الاسلام المدون:
نقول ما تقدم بالرغم من اننا قد قلنا آنفا: أننا على قناعة من أن تاريخ الاسلام المدون - على ما فيه من هنات ونقص - أغنى تاريخ مكتوب لاية أمة من الأمم، وهو يمتاز عن كل ما عداه بدقته وشموله، حتى إنك لتجده كثيرا ما يسجل لك الحركات، واللفتات، واللمحات، فضلا عن الكلمات، والمواقف والحوادث، بدقة متناهية واستيعاب لا نظير له.
أضف إلى ذلك: أنه يملك من الآيات القرآنية، ثم من النصوص الصحيحة والصريحة الشئ الكثير، مما لا تجده في أي تاريخ آخر على الاطلاق. هذا إن لم نقل إن هذا الامر من مختصات تاريخ الاسلام، إذا تأكدنا: أنه ليس بإمكان أي تاريخ أن يثبت من مقولاته إلا النزر اليسير، ولا سيما في جزئيات الأمور، وفي التفاصيل والخصوصيات.