البيت " عليهم السلام " لم يتمكنوا من الجهر والتصريح بهذا الامر، فأشاروا إليهم باستحباب التياسر، ثم لما كانوا يسألونهم عن السبب في ذلك تراهم يبررونه بما يبعد الشبهات عنهم (1).
ولكن ذلك، فيما يظهر لم يدم طويلا، فقد التفت خصوم الشيعة إلى ذلك، ولذا تراهم يتهمون كل من يتحرى القبلة بالرفض، كما تقدم.
تأويلات سقيمة:
يقول البعض: إن السر في استحباب التياسر هو أن علامات القبلة لأهل العراق لم تكن كافية لتعيينها بدقة، بحيث تجعل التوجه إلى سمت شخص الكعبة، فكان استحباب التياسر مكملا لتلك العلامات.
ولكن هذا مرفوض، ولا يمكن قبوله، إذ أنه لو صح هذا لوجب الحكم بوجوب التياسر لا استحبابة.
وقال بعض آخر: إن السر في ذلك هو أن سعة الحرم من أحد جوانبه، أزيد من الجوانب الأخرى.
ونقول:
أولا: إنه إذا كان اللازم هو التوجه إلى شخص الكعبة، فإن سعة الحرم وضيقه لا أثر له في شئ من ذلك.
ثانيا: ولو سلمنا: أن المطلوب هو التوجه إلى الحرم، فإن سعته من أحد الجوانب ليست بمقدار يستحب معه التياسر الموجب للابتعاد عنه مئات الأميال أو أكثر أو أقل.