كوسائل اقناع واحتجاج، فيكون ما فروا منه قد عادوا فوقعوا فيه.
مع ما في ذلك من إضعاف لمواقع ولرموز لا تريد لها السلطة أن تضعف، بأية صورة كانت. ويأتي إضعافها وضعفها باتضاح أنها في درجة أدنى من حيث المعرفة والعلم بالقرآن والسنة، وأحكام الدين، وتعاليم الشريعة.
ثم هو يتسبب بالاحساس بالغبن، وبالمظلومية بالنسبة لأولئك الذين يملكون المؤهلات الحقيقية للفتوى، حين يكون التعامل معهم، والموقف منهم، ومن كل ما يقدمونه من علم صحيح ونافع لا يختلف عن الموقف مما يقدمه أولئك الجهلة الأغبياء، الذين لا يملكون من التقوى ما يمنعهم عن الافتاء بغير علم ولا هدى، ولا كتاب منير.
أضف إلى ذلك: أن هذا من شأنه أن يضعف الثقة بالسلطة، التي انتهجت هذه السياسة، وشجعت هذا الاتجاه.
هذا كله، عدا عن أن الحكم يريد أن يتبنى اتجاها فكريا خاصا ومتميزا، يخدم أهدافه الخاصة والعامة. ويريد أن يزرع في الناس مفاهيم، ويحملهم على اعتقادات، ويلزمهم بأحكام لا يدع لهم مناصا من الالتزام بها، والجري عليها وتبنيها، في مختلف الظروف والأحوال. ولن يكون ذلك ميسورا له في ظل هذه الحرية في الفتوى، وفي الاستدلال عليها.
حصر الفتوي في نوعين من الناس:
ولأجل ذلك، فقد كان من الطبيعي أن لا يسمحوا بالفتوى إلا لنوعين من الناس.
الأول: الامراء، وذلك في الأمور الحساسة، فيما يبدو.
الثاني: أشخاص بأعيانهم، يمكنهم تسويق فكر السلطة، بصورة أو