فيحيى بن صالح الذي يروي له البخاري، وأصحاب الصحاح الست سوى النسائي (1) يريد أن يقول: إن الاعتقاد برؤية الله قائم على عشرة أحاديث فقط. بل صرح بعضهم: بأن أخبار الرؤية لا تزيد على ثمانية أحاديث (2).
ولكننا بعد حوالي نصف قرن من الزمن نجد ابن خزيمة الذي يصفونه بأنه " إمام الأئمة " يؤلف كتابا بعنوان " التوحيد وإثبات صفات الرب " يبلغ عدد صفحاته حوالي أربع مئة صفحة، قد شحنه بأحاديث التجسيم، وأحاديث الرؤية من أوله إلى آخره، وفيه الكثير مما يدل على أن لله تعالى يدا، ورجلا، وعينا، وإصبعا، وساقا ووإلخ.. تعالى الله عما يقوله الجاهلون والمبطلون علوا كبيرا.
فمن أين جاءت هذه الأحاديث؟ وكيف ومتى لفقت واخترعت؟! لا ندري، غير أننا وجدنا الإمام الشافعي ينقل عن القاضي أبي يوسف، الذي عاش في أواخر القرن الثاني قوله:
" والرواية تزداد كثرة، ويخرج منها ما لا يعرف، ولا يعرفه أهل الفقه، ولا يوافق الكتاب ولا السنة " (3).
وذلك يفسر لنا العديد من الظواهر الأخرى الملفتة للنظر، مما سنشير إلى بعض منه فيما يلي من مطالب.