ثم تبعهم رعيل كبير ممن تسمى بالفقهاء والمحدثين، الذين كان الكثيرون منهم، من طلاب اللبانات، ومن المتزلفين إلى الحكام، ومن وعاظ السلاطين.
فطغت مدرسة الرأي، وانتشر العمل بالاستحسان وبالقياس (1) " حتى استحالت الشريعة، وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة " (2) كما قاله المعتزلي الشافعي.
وسيأتي (3): أن أبا بكر كان أول من عمل برأيه، حينما لا يكون لديه نص عن رسول الله (ص)، كما زعموا.
ثم جاء عمر بن الخطاب، فأكد ذلك، ورسخه، قولا وعملا.
وستأتي بعض أقواله ورسائله إلى أبي موسى الأشعري (4)، وشريح القاضي، التي يأمر فيها بالعمل بالرأي والقياس في رقم 28 من هذا الفصل.
مع أنهم يقولون: إن عمر بن الخطاب هو الذي انتقد القائلين بالرأي، وروى عن رسول الله (ص) قوله:
" إن أصحاب الرأي أعداء السنن، تفلتت منهم أن يعوها، وأعيتهم أن يحفظوها، وسلبوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم " (5).