مقهورين، مبتزين. يرون حكمك مبدلا، وكتابك منبوذا، وفرائضك محرفة عن جهات أشراعك، وسنن نبيك متروكة إلخ... " (1).
والملفت للنظر هنا: أنه " عليه السلام " يقرر هذه الحقيقة ويعلنها في صيغة دعاء، في خصوص يوم عرفة في موسم الحج، حيث يجتمع الناس من مختلف الأقطار والامصار، ليستفيدوا من هذه الشعيرة العظيمة، ويعودوا إلى بلادهم بمزيد من الطهر، والصفاء، والاخلاص، والوعي لدينهم، ولعقيدتهم.
ثم تكون هذه الفقرات جزءا من دعاء يدعو به المسلمون كل يوم جمعة في طول البلاد الاسلامية وعرضها. وباستمرار، ليسهم ذلك في المزيد من إيجاد حالة الوعي الرسالي، وليكون من ثم واحدا من مسؤولياتهم الايمانية، والعقيدية.
وقد تعودنا من الإمام السجاد " عليه السلام " هذا الأسلوب الفذ في أكثر من مجال من مجالات الفكر، والعقيدة، والسلوك، كما يتضح ذلك بالمراجعة إلى الصحيفة السجادية، وغيرها من الأدعية المنقولة عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطيبين الطاهرين.
الالتجاء المبكر إلى الرأي والقياس:
وغني عن القول: إن استبعاد حديث الرسول " صلى الله عليه وآله "، قد أوقع السلطات الحاكمة في مازق حقيقي على صعيد الفتوى، وإصدار الاحكام، ولذلك كان أول من بادر إلى العمل بالرأي والقياس هم الحكام أنفسهم، الذين كانوا يصرون على استبعاد أهل البيت - قدر الامكان - عن دائرة الفتوى، وعن بث العلوم والمعارف الصحيحة، والصافية في الناس.