قد عرفنا: أن بعض الصحابة يصدرون فتاوى، لم يستندوا فيها إلى آية ولا إلى رواية، وإنما هو الرأي منهم، وهو قد يخطئ ويصيب. وصار يناقض بعضهم بعضا أحيانا. بل قد نجد التناقض في آراء الصحابي الواحد.
يقول البعض: إن الصحابة كانوا يغيبون عن مجلس النبي (ص)، فكانوا يجتهدون فيما لم يحضروه من الاحكام. ولعدم تساوي هؤلاء المجتهدين في العلوم والادراكات، وسائر القوى والملكات، تختلف - طبعا - الآراء والاجتهادات، ثم تزايدت تلك الاختلافات، بعد عصر الصحابة (1).
فكان لابد من علاج هذه الحالة، وتلافي سلبياتها، فكان أن اخترعوا لنا دعوى: " أن قول الصحابي إن كان صادرا عن الرأي، فرأيهم أقوى من رأي غيرهم، لانهم شاهدوا طريق رسول الله (ص) في بيان أحكام الحوادث، وشاهدوا الأحوال التي نزلت فيها النصوص، والمحال، التي تتغير باعتبارها الاحكام.. " (2) ثم قرروا على هذا الأساس لزوم تقديم رأيهم على رأينا، لزيادة قوة في رأيهم.
18 - قول الصحابي يعارض الحديث الصحيح:
وإذا خالفت فتوى الصحابي قولا صريحا، وحديثا صحيحا عن رسول الله " صلى الله عليه وآله "، فان الامام مالك بن أنس يعاملهما معاملة المتعارضين.