في العبادة وهو التوحيد، فقد حكى الله سبحانه في الآية الشريفة من تكاليف أهل الكتاب أهم أصول الدين وفروعه. ومن تأمل نظائر الآية مما ذكر فيه العبادة على وجه الإخلاص - مثل قوله تعالى: ﴿قل الله أعبد مخلصا له ديني﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله﴾ (2) إلى غير ذلك من الآيات - ظهر له ما استظهرناه من إرادة التوحيد في مقابل الشرك.
وأما الأخبار، فحملها على ظاهرها ممتنع، وعلى نفي الصحة - بمعنى ترتب الأثر - موجب للتخصيص الملحق للكلام بالهزل، إلا أن يراد من " النية " مطلق قصد الفعل، فيراد من الروايات أن الفعل الغير المقصود لا يعد من أعمال الفاعل، لأنه صادر بغير قصده وإرادته، فإن من أكرم رجلا لا بقصد أنه زيد لم يكن إكرام زيد بهذا العنوان من أفعاله الاختيارية، فالعمل عمل من حيث العنوان المقصود دون غيره من العناوين الغير المقصودة، لكن هذا المقدار لا ينفع فيما نحن فيه، لأنا نطالب بدليل وجوب كون الوضوء بعنوانه الخاص عملا اختياريا للمكلف ثم لا يكتفى - كغسل الثوب - بحصوله من المكلف ولو من دون قصد لعنوانه، بأن يقصد الفعل بعنوان آخر فيتبعه حصول هذا العنوان من دون قصد.
فدعوى بقاء هذه الأخبار على ظواهرها من إرادة الحقيقة والتمسك بها لما نحن فيه، خطأ فاحش، مع أن إرادة ظاهرها يشبه الإخبار