ومنها: ما قيل من أن الدليل على حجية ظن المجتهد هو الإجماع، والدليل العقلي المركب من بقاء التكليف، وانسداد باب العلم، وانتفاء التكليف بما لا يطاق، المنتج لوجوب العمل بالظن.
وشئ منهما لا يجزي في المتجزي، أما الإجماع فلاختصاصه بالمجتهد المطلق.
وأما الدليل العقلي، فلعدم صحة دعواه انسداد باب العلم بالنسبة إليه، لاحتمال ظهور خلاف ظنه، وكذا دعواه التكليف بما لا يطاق في حقه، إذ في وسعه تحصيل المعرفة بكل المدارك (1).
أقول: دعوى انحصار الدليل فيهما واهية، فإن لحجية كل من الأدلة الظنية - كالخبر والاستصحاب والكتاب وغيرها - أدلة منتهية إلى القطع، بالواسطة أو بدونها، ولا ينحصر دليلها في أنها تفيد الظن والظن حجة بالإجماع.
على أن الإجماع لو كان دليلا لم يثبت حجية ظن المجتهد المطلق بما يفيد شيئا في هذا الباب، لأن القدر الثابت من الإجماع هو حجية ظنه في الجملة، وأما أنه أي قدر وعلى أي حال فلا، بل لا يوجد لظنه المجمع على اعتباره مصداق، فإن من ظنونه ما يحصل من القياس أو الشهرة أو الإجماع المنقول أو الخبر أو غيرهما، وفي كل منها خلاف.
وعدم تخطئتهم للعامل بها إذا قال بحجيتها لا يجعله إجماعيا، كما في سائر المسائل الخلافية.
وأما ما ذكره في عدم جريان الدليل العقلي في ظن المتجزي لما مر،