والبأس والسحت وإن كانا موجبين للحرمة، إلا أن الاجماع على عدمها - مضافا إلى بعض الروايات - أوجب حملهما على الكراهة.
ثم إن إطلاق الموثقة الأخيرة وإن اقتضى الكراهة مطلقا، إلا أنه لا بد من تقييدها بها، لمفهوم الأولى للأصل.
فالقول بالكراهة مطلقا - كاللمعة (1)، لاطلاق الموثقة الأخيرة - غير سديد، كالقول بعدم الكراهة كذلك، لرواية حنان: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام ومعنا فرقد الحجام، قال: جعلت فداك، إني أعمل عملا وقد سألت عنه غير واحد ولا اثنين فزعموا أنه عمل مكروه، فأنا أحب أن أسألك عنه، فإن كان مكروها انتهيت عنه - إلى أن قال -: (وما هو؟) قال:
حجام، قال: (كل من كسبك يا ابن أخ، وتصدق وحج منه، وتزوج، فإن نبي الله صلى الله عليه وآله قد احتجم وأعطى الأجر، ولو كان حراما ما أعطاه)، قال:
جعلني الله فداك، إن لي تيسا (2) أكريه فما تقول في كسبه؟ قال: (كل من كسبه فإنه لك حلال والناس يكرهونه)، قال حنان: قلت: لأي شئ يكرهونه وهو حلال؟ قال: (لتعيير الناس بعضهم بعضا) (3)..
لاجمال الرواية من حيث المراد من الكراهة، إذ يحتمل أن يكون المراد بالكراهة فيها المعنى المصطلح، وبالحرام الكراهة، ويحتمل العكس، ويؤيده التعليل كما قيل.
ثم كراهة التكسب وإن اختصت بصورة الشرط لما مر، إلا أنه يمكن