ويزيد في الثاني بأنه لم يجبره إلا على أحد الأمرين اللذين أجبره الشارع على أحدهما بخصوصه، فالمكره لم يفعل أزيد مما فعله الشارع، بل وسع عليه، حيث خيره بينه وبين بدله.
ولأن بعلمه بعدم كون المكره عاصيا في إكراهه، وبكونه ذي حق يوجب البيع سقوط حقه في بعض الموارد، يمكن أن يكون راضيا، فلا ينافي ظهور القصد المستفاد من اللفظ والعمل، مع أن حمل أفعال المسلمين على عدم المعصية يثبت تحقق القصد في بعض موارد الفرض.
ويدل عليه أيضا النص الوارد في ذلك في باب الاكراه على الطلاق (1) بضميمة الاجماع المركب.
وإن كان الآخر مما لا يتمكن من فعله - كإجبار الفقير الغير المتمكن على البيع أو نفقة الزوجة - أو يمكن ولكن مع العسر والمشقة - كالبيع والمشي راجلا عشرين فرسخا بالنسبة إلى من يكون ذلك مشقة شديدة عليه - كان إكراها، للصدق العرفي.
وكذا إن كان الفرد الآخر مما فيه ضرر لا يجب عليه تحمله فهو إكراه موجب لفساد البيع، لصدق الاكراه عرفا، ولعدم ظهور القصد معه، حيث إنه عاص ظالم.
ولو لم يكرهه على خصوص البيع ولكن أكرهه على أمر آخر يضطر بسببه إلى بيع ماله ولو بثمن بخس، فإن كان قصد المكره أيضا بيع المال وخروجه من يده، وعلم البائع منه ذلك، ولم يندفع ظلمه إلا به، فهو أيضا إكراه على البيع ومفسد إياه.