أن أجزاء العبادات على القول بكونها أسامي للأعم على قسمين: ما يعلم انتفاء المسمى بانتفائه قطعا، كالركوع والسجود بالنسبة إلى الصلاة، وما يعلم عدم انتفائه بانتفائه كذلك، كذكر الركوع.
وقد يكون هنا قسم ثالث، وهو: ما يشك في كونه مما ينتفي المسمى بانتفائه أم لا، كما إذا لم ينضبط المعنى العرفي في لفظ في زمان، أو انضبط فيه وشك في معناه في الزمان السابق ولم تجر أصالة الاتحاد، كما في ما نحن فيه على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في لفظ صلاة الجمعة، لو سلم فيها الحقيقة المتشرعة في هذا الزمان في الأعم مما كان مع الإمام.
فما كان من القسمين الأولين فحكمه ظاهر.
وما كان من الثالث فتجري فيه أصالة عدم الجزئية بواسطة أصالة عدم الوجوب إن لم يكن موقوفا عليه لوجوب سائر الأجزاء، وأصالة الجزئية بواسطة أصالة عدم وجوب السائر بدونه إن كان موقوفا عليه له، كما في ما نحن فيه.
والحاصل: أن الوضع للأعم إنما هو في ما إذا لم يكن الجزء مما احتمل كونه سببا للتسمية، وأما معه فلا.
ألا ترى أنه إذا وضع اسم لعبد، ثم تغير لون العبد، واصفر بعد الحمرة، لا يتغير الموضوع له؟ بخلاف ما إذا وضع لفظ لعبد أحمر من جهة أنه أحمر، فلا يطلق اللفظ بعد زوال الحمرة، وكذا لو شك أنه هل هو موضوع لمطلق العبد أو للأحمر منه. نعم لا يختلف الإطلاق لو تغير حمرة يده مثلا.
فإنا نعلم أن إطلاق الصلاة على الأركان المخصوصة والأجزاء المعلومة ليس لأجل خصوص السورة أو ذكر الركوع مثلا، ولكن نعلم أنه موضوع لمعنى هما جزءان له، فيختلف في أنه هل المعنى القدر المشترك أو مع هذا الجزء، فالحق القدر المشترك.
والملخص: أن النزاع في الوضع للصحيح أو الأعم إنما هو فيما إذا علم وضع لفظ لشئ أو استعماله فيه مجازا، وشك في أن المستعمل فيه أو الموضوع له