عندها، ونفى صحتها بدونه، فكذلك جعل الله سبحانه للأمة إماما بعد إمام إلى يوم القيامة وأمر الناس بطاعته والاجتناب عما يوجب غيبته واستتاره. ثم أمر كل أحد إلى يوم القيامة بصلاة الجمعة، وشرط فيها الاقتداء بذلك الإمام، ونفى صحتها بدونه.
بل نسبته إلى صلاة الجمعة كنسبة الترتيب في الوضوء بالنسبة إلى الصلاة; لاتفاق الكل على اشتراط الإمام، وإنما النزاع في وصف منه، فكما لا يعقل عن العالم الاحتجاج بأوامر الصلاة على من يقول بوجوب الترتيب في الوضوء فكذا ها هنا. وهل يصح الرد على الخصم هنا إلا بنص يصرح بعدم وجوب الترتيب، أو بأصالة عدم وجوبه؟.
وليس هنا نص يصرح بعدم وجوب الائتمام بالإمام أو نائبه، فلم يبق إلا أصالة عدم وجوب الائتمام به. وهل يصح من فاضل الاستدلال في مقابل ذلك الخصم بالآيات والروايات؟!.
نعم كما أنه لو لم يتمكن أحد من الطهارة المائية، أو من الترتيب فيها، ولم تثبت بدلية التيمم عنها، ينتفي التمكن من الصلاة المأمور بها، ولذا يسقط وجوبها، كذلك نقول: لو لم يتمكن أحد من الائتمام بالإمام أو نائبه، ينتفي التمكن من صلاة الجمعة المأمور بها، ولذا تسقط. وهذا ليس من باب تخصيص مخصوص بعموماتها، بل هو من التخصيص بالتمكن والقدرة الثابت باعتراف الخصم شرعا وعقلا فيها وفي كل أمر.
فليس شئ ينفع للخصم هنا إلا أن يقول: إنه لم يثبت الأمر بالاقتداء بالإمام أو نائبه، وهو أصل عدم اشتراط الصحة; إذ عدم الثبوت لا يفيد بدون ضم الأصل. أو يقول: إنه ثبت الأمر بالاقتداء بغير الإمام، وليس له شئ يدل على ذلك.
وبعبارة أخرى في أصل الجواب. المراد من هذه الأخبار ومعناها:
إما وجوب الجمعة في الجملة، فهو مما لا كلام فيه.