المسألة الثانية: الشرط هل هو عدم التعدد الواقعي حتى تبطل الجمعتان معه ولو لم يعلم به شئ من الطائفتين بل ولو جزمتا بعدم التعدد، أو الجزم بعدم التعدد، أو عدم الجزم بالتعدد؟.
صرح شيخنا الشهيد الثاني بأن الشرط عدم العلم بالتعدد (1).
وإلى هذا أيضا يشير قول من قال بعدم بطلان اللاحقة إذا لم يكونوا عالمين بحال السابقة; لاستحالة توجه الخطاب إلى الغافل (2) ورده آخر بأن خطاب الوضع يستوي فيه الغافل والمتذكر إلا أن يكون الخطاب مخصوصا بالمتذكر، وليس هناك اختصاص ولا تخصيص.
ومقتضى قول الأول: الثالث، ومقتضى الثاني: الأول.
والحق هو الثالث، فالشرط هو عدم العلم بالتعدد، والمانع هو العلم به; لأصالة عدم اشتراط الزائد عن الأول ولا مانعية الزائد عن الثاني، وأصالة عدم تقيد الإطلاقات بالزائد، الخاليتين عما يزيلهما; إذ ليس إلا الإجماع. وحاله ظاهرة. والخبران، وهما أيضا لا يقيدان المطلقات بالزائد; لأن دلالتهما على الاشتراط والمانعية بواسطة مفهوم الجملة الشرطية، ومنطوق الجملة المنفية.
أما الأول: فهو أنه إذا لم يكن بين الجماعتين ثلاثة أميال ففي تجميع الطائفتين بأس وعذاب، أي إذا كان أقل من ثلاثة أميال فيحرم تجميعهما. ولا شك أنه لا يمكن إبقاؤه على مقتضى وضع الألفاظ للمعاني الواقعية حتى يكون المعنى: إذا كان في الواقع أقل يحرم ذلك سواء جزمت الطائفتان بانتفاء الواقع أو لم تعلما به ولو بعد الفحص ما أمكن; الإيجابه تكليف ما لم يعلم، واقتضائه إخراج من لم يعلم وقوع جمعة أخرى ولو بعد الفحص - وإن احتملها بل أو ظنها - بدون مخصص إن قلنا بعدم وجوب الجمعة عليه حال الاحتمال; إذ معه لا يعلم وقوع جمعة أخرى في الأقل واقعا حتى يكون هو المخصص.