بل ذهب كثير منهم إلى حرمتها.
فإن قيل: لعل التقية كانت مانعة.
قلنا: هل التقية فيه كانت أشد منها في أمر المتعة؟ مع كونها مستحبة، ومع ذلك صار ضروريا. وكذا مسح الرجلين، والسجود على الأرض، وعدم جواز التكفير، إلى غير ذلك.
احتج المثبتون للوجوب العيني بوجوه:
الأول: الآية. وقد عرفت عدم دلالتها (1) والثاني: الاستصحاب، فإن الجمعة كانت واجبة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وخلفائه فيستصحب.
ويرد أولا: بمعارضته باستصحاب وجوب الظهر وعدم وجوب الجمعة، فإن قبل إيجاب الجمعة كان الظهر واجبا، والجمعة غير واجبة، فإنه علم انتفاء لأول وثبوت الثاني إلى زمان تمكن المعصوم، ولم يعلم فيما بعده، فيستصحب وجوب الأول وعدم وجوب الثاني.
وثانيا: بمعارضته باستصحاب وجوب الظهر في زمان نزول الجمعة على من لم يتمكن من حضور جمعة المعصوم.
فإن قلت: لا ينافي ذلك عند من يشترط المعصوم في عهده لكل أحد، ولو لم يتمكن الحضور إلى جمعته.
قلنا: فيسقط استصحابك رأسا; إذ على هذا يكون الاشتراط في عهده مسلما، ولا يجري الاستصحاب في الواجب المشروط.
وثالثا: بأن الأصل في الواجب ما دام الوصف كونه بشرطه، فلا يجري الاستصحاب. إلا أن تمامية ذلك إنما هي على ما يأتي من عدم تمامية دلالة الظواهر على وجوب الجمعة مطلقا. وإلا فلا يتم; لأن الواجب ما دام الوصف لو ثبت