وأغرب منه نسبة المسالك هذا القول إلى كثير من الأصحاب (1)، مع أني لم أقف على قائل به، عدا من ذكرته. ومع ذلك الفاضلان وإن أطلقا القبول في القتل في كتبهم المذكورة في هذا الكتاب، إلا أنهما رجعا عنه فيها في كتاب القصاص (2) وباقي كتبهما، كهذا الكتاب.
فإنه وإن قال أولا تقبل شهادتهن مع الرجال في الجراح والقتل بقول مطلق (و) لكن قيده وبينه بأنه (يجب بشهادتهن الدية لا القود) ونحوه الفاضل في المختلف، فإنه بعد ترجيحه لهذا القول وذكره أدلة المانعين وبعض الأجوبة عنها، قال مجيبا أيضا: أو نقول بالموجب، فإنا لا نثبت القود بشهادتهن بل نوجب الدية (3). وكذا في التحرير (4)، حيث جعل الجناية الموجبة للقود من جملة ما لا يثبت إلا بشاهدين، وجعل قتل الخطأ وكل جرح لا يوجب إلا المال كالمأمومة والجائفة وكل عمد لا يوجب القصاص كقتل السيد العبد والمسلم الكافر والأب ولده من جملة ما يثبت بهما وبشاهد وامرأتين.
ونحوهما في تقييد المنع عن القبول بالقود دون الدية عبائر باقي الأصحاب، الذين وقفت على كلامهم في المسألة، كالإسكافي (5) والشيخ في المبسوط (6) والخلاف (7) والنهاية (8) والقاضي (9) والحلبي (10) وابن حمزة (11)