وعن ابن حمزة اعتباره التقييد أيضا (1)، مرددا بين الثلاثة غير مرتب بينها.
وعن الديلمي اعتبار المرجح (2) مطلقا غير مبين له أصلا.
ولم أجد دليلا على شئ منها هنا، عدا ما ربما يتخيل من أمر اعتباري دال عليها في الجملة لا مطلقا، وهو أن حال البينتين هنا كحال الخبرين المتعارضين حيث يتعين الأخذ بأرجحهما. ويجمع بينهما مع التكافؤ، وإمكان الجمع ولو في الجملة كما هنا. وهو ضعيف جدا، لكونه قياسا، ومع ذلك يتضمن فارقا، وهو أن مناط العمل بالخبر ليس من حيث كونه للظن مفيدا، فينبغي متابعة أقوى الظنين من الخبرين المتعارضين إن كان حاصلا تحصيلا لما هو أقرب إلى العلم المأمور بتحصيله وما به أحرى، ولا كذلك العمل بالبينة، فإن مناط العمل بها خصوصيتها لا إفادتها المظنة، وأنها من قبيل الأسباب كاليد والأنساب، كما صرح به جماعة من الأصحاب، ولذا يعمل عليها ولو لم تفدها بالكلية، بل لو حصل من شهادة الفاسق ونحوه ظن أقوى من الظن الحاصل منها بمراتب شتى يعمل بها دون شهادتهما.
ومنشأ الفرق هو اختلاف مفاد الأدلة على حجية الأمرين، فإن مفاد ما دل على حجية الخبر حجيته من حيث إفادته المظنة لا من حيث الخبرية، وما دل على حجية البينة حجيتها من حيث البينة لا من حيث إفادتها المظنة.
ولا ريب أن البينتين المختلفتين بأحد الأمور المتقدمة وإن اختلف الظن الحاصل منهما ضعفا وقوة مشتركتان فيما هو المناط في حجيتهما، وهو كون كل منهما بينة، فيجب العمل بكل منهما لإثبات ما في يد كل لصاحبه، لكونه بالإضافة إليه مدعيا، وهو بالنسبة إليه منكرا.