رتبة عن الوضع (1).
لان التأخر الرتبي لا يستلزم عدم اجتماع اللحاظين في شئ واحد في زمان واحد. كما أنه لا يرفع المحذور بنفسه، فان فرض تأخر أحد الضدين عن الاخر رتبة لا يسوغ اجتماعهما في شئ واحد في آن واحد. فلاحظ وتأمل.
الجهة الثانية: انه لما كان أساس صحة انشاء الوضع بالاستعمال هو كون الاستعمال ودلالة اللفظ بنفسه على المعنى من لوازم الوضع، فيكون الاستعمال دالا بالالتزام على الوضع وينشأ الوضع بهذه الواسطة، لما كان أساسه ذلك كان مبتنيا على الالتزام بان قرينة المجاز جزء الدال على المعنى المجازي. إذ اللفظ لا يدل بنفسه على المعنى المجازي، فتكون الدلالة بنفسها من لوازم الوضع.
ولكنه غير ثابت، بل التحقيق على أن القرينة تكون على إرادة المعنى المجازي من اللفظ، فيكون اللفظ بنفسه دالا على المعنى، والقرينة تدل على دلالته عليه وإرادة المعنى منه، فنفس (الأسد) في قولنا (هذا الأسد) مشيرا إلى زيد مستعمل في زيد ودال على زيد، والإشارة ليست دخيلة في الدال بل هي تعين الدلالة، والدال هو اللفظ.
وعليه، فدلالة اللفظ بنفسه ليست من لوازم الوضع، بل هي امر مشترك بين صورتي الوضع وعدمه. فلا يكون الاستعمال موجبا لخطور الوضع في الذهن لأنه لازم أعم. فليس لانشاء الوضع بالاستعمال من سبيل.
وأنت خبير بوهن هذا الاشكال، فان المراد من كون دلالة اللفظ بنفسه من لوازم الوضع، هو دلالته على المعنى بلا معونة واسطة، كما في المجاز فإنه بمعونة القرينة، وليس المراد دلالة اللفظ ذاته ومستقلا الذي هو امر مشترك بين الحقيقة والمجاز، كي يرد ما ذكر.
وبالجملة: تارة يراد من (دلالة اللفظ بنفسه) دلالته على المعنى بلا .