وقد يدفع النقض - كما احتمله صاحب الكفاية (1) - بان الملحوظ في الاستعمال المجازي نوع العلاقة، وبملاحظتها لا يطرد الاستعمال، فالملحوظ في استعمال أسد في زيد علاقة المشابهة لا خصوص المشابهة بالشجاعة. وظاهر انه لا يصح استعمال لفظ أسد في كل ما شابهه بلحاظ المشابهة، إذ لا يصح استعماله في الجبان الأبخر ولا الجبان ذي العينين وهكذا.
لكنه فاسد ببطلان أساسه: فان الملحوظ والمصحح للاستعمال المجازي هو العلاقة الخاصة لا نوعها، كالمشابهة في الشجاعة في استعمال أسد في زيد. لا كلي المشابهة - وإلا لكان مطردا -، وظاهر ان الاستعمال بلحاظ خصوص المشابهة مطرد.
ومن هنا - اي من الانتقاض بالاستعمال المجازي - زاد بعضهم قيد، على وجه الحقيقة أو بدون تأويل - بلحاظ الخلاف في حقيقة المجاز، وانه مجاز في الكلمة أو في الادعاء -، فيكون الاطراد علامة الحقيقة إذا كان على وجه الحقيقة أو بلا تأويل، فلا ينتقض بالاستعمال المجازي لأنه مطرد لكنه لا على وجه الحقيقة.
واستشكل فيه صاحب الكفاية باستلزامه الدور: لان معرفة الحقيقة والوضع تتوقف على حصول الاطراد على وجه الحقيقة ومعرفة ذلك تتوقف على معرفة الحقيقة الدور. (2).
والتفصي عن اشكال الدور في التبادر بالاجمال والتفصيل بين الموقوف عليه التبادر والموقوف على التبادر لا يتأتى فيما نحن فيه، لأنه بعد أن أخذت معرفة الحقيقة في أصل الدليل والعلامة على الحقيقة والوضع، فلا بد من حصولها تفصيلا، وحصول الالتفات إليها بعلم بحصول الدليل والعلامة بها إلى مدلولها، .