الذاتية، وثالثة يكون واجدا لما هو متحد معه وجودا ومفهوما، كواجدية الشئ لنفسه، فإنها نحو من الواجدية، بل هو أتم مراتبها وأشد من واجدية الشئ لغيره، لأن الوجود موجود بالذات، وغير موجود به، فلذلك يكون صدق الموجود على الوجود أولى من صدقه على غيره.
فالنتيجة أن المراد من التلبس الواجدية، وهي كما تصدق واجدية الشئ لغيره كذلك تصدق على واجدية الشئ لنفسه، فالواجدية بهذا المعنى وإن كانت خارجة عن الفهم العرفي إلا أن الكلام ليس في أنها من المتفاهم العرفي، بل الكلام في تطبيق المفهوم العرفي من المشتق وهو تلبس الذات بالمبدأ عليها، وهو بيد العقل لا العرف (1). هذا، ولكن لا يمكن المساعدة على هذا القول، وذلك لأن تلبس الذات بالمبدأ ووجدانها له إنما يكون بلحاظ عالم العين والخارج، فإنه فيه قد يكون عرضيا، سواء كان بنحو الصدور أو الحلول، وقد يكون ذاتيا من الذاتي باب البرهان، وقد يكون ذاتيا من الذاتي باب الكليات كتلبس الانسان بالحيوانية والناطقية، وقد يكون عينيا كما في وجدان ذاته تعالى للصفات العليا الكمالية وكما في مثل قولنا (الوجود موجود) وهكذا، فإن صدق التلبس والواجدية في الجميع بنحو الحقيقة، بل صدقه على الوجود أتم وأقوى من صدقه على غيره، باعتبار أن كل شئ موجود بالوجود، والوجود بنفسه، وأما بلحاظ عالم الذهن فلا بد من التغاير بينهما فيه مفهوما، بداهة أن الشئ الواحد وجودا ومفهوما لا يعقل فيه التلبس والواجدية، لأنه نسبة بين الذات والمبدأ، فإذا كان المبدأ عين الذات خارجا، فلا بد من فرض النسبة بينهما في الذهن، وإلا فلا يعقل التلبس