لكنك غفلت عن أن اتحاد الإرادة مع العلم بالصلاح، إنما يكون خارجا لا مفهوما، وقد عرفت (1) أن المنشأ ليس إلا المفهوم، لا الطلب الخارجي، ولا غرو أصلا في اتحاد الإرادة والعلم عينا وخارجا، بل لا محيص عنه في جميع صفاته تعالى، لرجوع الصفات إلى ذاته المقدسة، قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه (2): (وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه).
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الامر وفيه مباحث:
الأول: إنه ربما يذكر للصيغة معان قد استعملت فيها، وقد عد منها:
الترجي، والتمني، والتهديد، والانذار، والإهانة، والاحتقار، والتعجيز، والتسخير، إلى غير ذلك، وهذا كما ترى، ضرورة أن الصيغة ما استعملت في واحد منها، بل لم يستعمل إلا في إنشاء الطلب، إلا أن الداعي إلى ذلك، كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي، يكون أخرى أحد هذه الأمور، كما لا يخفى.
قصارى ما يمكن أن يدعى، أن تكون الصيغة موضوعة لانشاء الطلب، فيما إذا كان بداعي البعث والتحريك، لا بداع آخر منها، فيكون إنشاء الطلب بها بعثا حقيقة، وإنشاؤه بها تهديدا مجازا، وهذا غير كونها مستعملة في التهديد وغيره، فلا تغفل.
إيقاظ: لا يخفى أن ما ذكروه في صيغة الامر، جار في سائر الصيغ الانشائية، فكما يكون الداعي إلى إنشاء التمني أو الترجي أو الاستفهام