للحيثية المطلوبة، فإذا تعلقت بها ترتب عليها آثارها، مثلا العقد الواقع بين المتعاملين المقرون بالتراضي بينهما إذا تعلق به دليل الامضاء كقوله تعالى:
(تجارة عن تراض) أو (أوفوا بالعقود) ترتب عليه أثره، وإلا فلا.
وبكلمة أوضح، إنه لا فرق من هذه الناحية بين العبادات والمعاملات، فكما أنه لا يمكن أخذ مفهوم الصحة وعنوانها بالحمل الأولي في مسمى العبادات، على أساس أنه منتزع من انطباق العبادة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج ولا يعقل أخذه فيه كما تقدم، فكذلك لا يمكن أخذ مفهوم الصحة بالحمل الأولي في مسمى المعاملات، لأنه منتزع من تعلق دليل الامضاء بالمعاملة في الخارج ولا يمكن أخذه فيه، وإلا لكان دليل الامضاء لغوا.
وأما واقع الصحة الذي هو صحة بالحمل الشائع، فكما أنه لا مانع من أخذه في مسمى العبادات، فكذلك لا مانع من أخذه في مسمى المعاملات، لأن واقع الصحيح هو المركب المشتمل على تمام الأجزاء والشرائط الواجد للحيثية المطلوبة منه، ولا فرق بين أن يكون ذلك المركب عبادة أو معاملة، إذ معنى وضع لفظ (البيع) للصحيح وضعه بإزاء تمليك عين بعوض المقرون بالرضا المنشأ بفعل أو قول من بالغ وعاقل، وهو متعلق لدليل الامضاء، وعليه فإذا تعلق الامضاء به ترتب عليه الأثر الشرعي وهو حصول الملك شرعا، وإذا لم يتعلق به دليل الامضاء، لم يحكم بحصول التمليك وترتيب الأثر عليه.
وهذا هو معنى الصحة في العبادات والمعاملات، ولا فرق بينهما فيه أصلا، وأما الصحة الجائية من قبل الامضاء في المعاملات والمتقومة به والصحة الجائية من قبل الأمر في العبادات المتقومة به، فلا يمكن أخذها في المسمى لا في المعاملات ولا في العبادات، هذا من ناحية.