الوضع من أن الدلالة الوضعية للألفاظ على معانيها مطلقا - بلا فرق بين الألفاظ المفردة والألفاظ المركبة كالجملات من التامة والناقصة - تصورية على أساس أن تلك الدلالة مستندة إلى الوضع مباشرة دون الدلالة التصديقية، فإنها مستندة إلى الظهورات الحالية أو السياقية مباشرة دون اللفظ بما هو.
وبكلمة، إن الدلالة الوضعية على جميع المباني في مسألة الوضع دلالة تصورية ولا يمكن أن تكون تصديقية إلا على مبنى التعهد والالتزام النفساني، فإن الدلالة الوضعية على أساس هذا المبنى دلالة تصديقية مطلقا في الكلمات الأفرادية حقيقة أو حكما، والجملات التامة الاسمية والفعلية، فإن الأولى موضوعة للدلالة على قصد تفهيم معانيها، والثانية موضوعة للدلالة على قصد الحكاية والاخبار عن ثبوت شئ في الواقع أو نفيه فيه.
فالنتيجة أن الدلالة الوضعية على جميع المباني في باب الوضع دلالة تصورية لا تصديقية إلا على مبنى التعهد.
الأمر الثاني: أن ما اختاره السيد الأستاذ قدس سره من أن الجملة التامة موضوعة للدلالة على قصد الحكاية عن ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فيه، فلا يمكن المساعدة عليه.
أما أولا فلأن ما اختاره قدس سره مبني على مسلكه من أن حقيقة الوضع هي التعهد والتباني، فإنه على هذا المسلك تكون الدلالة الوضعية دائما دلالة تصديقية، فالجملة التامة كقولك (الانسان عالم) موضوعة للدلالة على قصد الحكاية والاخبار عن ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها فيه، ولكن قد تقدم أن هذا المسلك غير تام، وأما على ضوء سائر المسالك في باب الوضع فالدلالة الوضعية دائما دلالة تصورية، لما ذكرناه هناك من أنه لا يعقل نشوء أكثر من العلاقة التصورية