الصابر (١)، وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام معناه يحبس الممسك، لأن الصبر في اللغة الحبس (٢).
فإن احتجوا بما يروونه عن عمر بن الخطاب أنه قتل تسعة بواحد ثم قال:
لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم (٣) أي: تعاون، والإمساك معاونة للقتل لا محالة فينبغي أن يستحق به القتل.
قلنا: هذا خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ولا يرجع بمثله عن الأدلة الموجبة للعلم. ومعنى المتمالي في الخبر هو المشاركة في القتل والتعاون عليه، وإذا كان الممسك ليس بشريك في القتل فلا يجوز أن يستحق القتل.
فإن قيل: الممسك والذابح تعاونا على القتل فلزمهما القود، كما لو جرحاه جميعا فمات.
قلنا: الممسك غير معاون على القتل ولا شريك فيه، وإنما هو ممكن من الفعل والتمكين لا يتعلق به حكم الفعل الممكن منه، ألا ترى أن من أمسك امرأة حتى زنى بها غيره لا يلزمه حكم الزنا الذي هو الحد.
على أن الجارحين لو انفرد كل واحد منهما بالفعل لزمهما (٤) القود وكذلك إذا شارك، والممسك لو انفرد بالإمساك لم يلزمه القود فلم يلزم مع المشاركة.
فإن قيل: قد اتفقنا على أن المحرم إذا أمسك صيدا فقتله آخر أن الضمان يلزم كل واحد منهما وأي فرق بين ذلك وبين إمساك الآدمي للقتل؟
قلنا: إنما لزمه ضمان الصيد بالإمساك، لأن الصيد مضمون باليد، ألا ترى أنه لو أمسكه فمات في يده لزمه ضمانه وبالإمساك قد حصلت له عليه يد،