وادعاء الإجماع على قولهم في التعصيب غير ممكن مع الخلاف المعروف المسطور فيه سالفا وآنفا لأن ابن عباس (رحمة الله عليه) كان يخالفهم في التعصيب، ويذهب إلى مثل مذهب الإمامية ويقول فيمن خلف ابنة وأختا أن المال كله للابنة دون الأخت. ووافقه في ذلك جابر بن عبد الله (١) وحكى الساجي أن عبد الله بن الزبير قضى أيضا بذلك، وحكى الطبري مثله (٢)، ورويت موافقة ابن عباس عن إبراهيم النخعي في رواية الأعمش عنه (٣) وذهب داود بن علي الأصفهاني إلى مثل ما حكيناه ولم يجعل الأخوات عصبة مع البنات (٤) فبطل ادعاء الإجماع مع ثبوت الخلاف متقدما ومتأخرا، والذي يدل على صحة مذهبنا وبطلان مذهب مخالفينا في العصبة: بعد إجماع الطائفة الذي قد بينا أنه حجة قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) (٥) وهذا نص في موضع الخلاف، لأن الله تعالى صرح بأن للرجال من الميراث نصيبا، وأن للنساء أيضا نصيبا ولم يخص موضعا دون موضع، فمن خص في بعض المواريث بالميراث الرجال دون النساء فقد خالف ظاهر هذه الآية.
وأيضا فإن توريث الرجال دون النساء مع المساواة في القربى والدرجة من أحكام الجاهلية، وقد نسخ الله تعالى بشريعة نبينا (عليه وآله السلام) أحكام الجاهلية، وذم من أقام عليها واستمر على العمل بها بقوله تعالى: (أفحكم