هو الذي قتله كل واحد منهم.
وتحقيق هذا الموضع ليس من عمل الفقهاء، ولا مما يهتدون إليه لفقد علمهم بأصوله فلا يجب أن يتعاطوه فيفتضحوا.
فإن قيل: قد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في سرقة نصاب لم يلزم كل واحد منهم القطع وإن كان كل واحد منهم إذا انفرد بسرقته لزمه القطع فأي فرق بين ذلك وبين القتل مع الاشتراك؟
قلنا: الذي نذهب إليه وإن خالفنا فيه الجماعة إنه إذا اشترك نفسان في سرقة شئ من حرز وكان قيمة المسروق ربع دينار فصاعدا فإنه يجب عليهما القطع معا، فقد سوينا بين القتل والقطع وإنما ينبغي أن يسأل عن الفرق بين الأمرين من فرق بينهما.
فإن قالوا: لما لم يجب على كل واحد من الجماعة إذا اشتركوا في قتل الخطأ دية كاملة لم يجب عليهم قصاص كامل.
قلنا: الدية تتبعض فيمكن تقسيطها عليهم، والقصاص لا يتبعض.
فأما الكلام على من شاركنا من الفقهاء في قتل الجماعة بالواحد وانفرادنا عنه بذلك الترتيب الذي رتبناه فهو أنا نقول: هذه الجماعة إنما قتلت نفسا واحدة وإن اشتركوا في قتلها، وإذا أخذت الأنفس الكثيرة بتلك النفس على ما ورد به الشرع فلا بد مما ذكرناه من رد الدية على أولياء المقتولين حتى تخلص نفس واحدة بنفس واحدة، ويسلم مع ذلك جواز قتل الجماعة بواحدة.
فإن قالوا: نرى من مذهبكم هذا عجبا لأنكم توجبون قتل الجماعة بالواحد وتذهبون إلى أن هذا القتل مستحق لا محالة. وإذا كان قتلا مستحقا كيف يجوز أن يؤخذ بإزائه دية؟ أوليس قتل الواحد بالواحد لما كان مستحقا لم يكن فيه دية تعود على أحد؟
قلنا: هذا القتل وإن كان مستحقا بمعنى أنه يحسن من ولي الدم أن يطالب