كان المحمول واحدا، وبيان هذه الجملة أن القتل إذا كان على ما ذكرناه في مواضع كثيرة من كلامنا هو نقض البنية التي لا تبقي الحياة مع نقضها، وكان نقض هذه البنية قد يفعله الواحد منا منفردا وقد يشترك الجماعة في نقض بنية الحياة فيكونون كلهم ناقضين لها ومبطلين الحياة، وهذا هو معنى القتل، فثبت أنه قد وجد من كل واحد من الجماعة معنى القتل وحقيقته فيجب أن يسمى قاتلا.
ووجدت لبعض من نصر هذا المذهب أعني القول بجواز قتل الجماعة بالواحد كلاما سأل فيه نفسه فقال: إذا كان كل واحد من الجماعة قاتلا فينبغي أن يكون كل واحد منهم قاتلا لنفس غير النفس التي قتلها صاحبه.
وأجاب عن هذا الكلام بأن قال: كل واحد من الجماعة قاتل لكنه ليس بقاتل نفس كما أن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكل واحد منهم آكل لكن ليس بآكل رغيف (١).
وهذا غلط من هذا القائل، لأن كل واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل قاتل كما قال، فلا بد أن يكون قاتل نفس فكيف يكون قاتلا وما قتل نفسا؟ غير أن النفس التي قتلها واحد من الجماعة هي النفس التي قتلها شركاؤه فالنفس واحدة والقتل مختلف كما قلناه في الجسم المحمول.
وليس كذلك الرغيف لأن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكلهم أكل، وليس كل واحد منهم آكل رغيف وإنما أكلت الجماعة الرغيف وكل واحد منهم إنما أكل بعضه لأن الرغيف يتبعض النفس لا تتبعض، كما أن حمل الجسم الثقيل لا يتبعض فما يحمله كل واحد من الجماعة هو الذي يحمله الآخر، وكذلك يجب أن يكون من قتله واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل