حيث أبانت عن الأمر وكشفت فأقوى منها العلم اليقين.
فأما من فرق بين ما علمه وهو حاكم وبين ما علمه وهو على خلاف ذلك.
وقوله: إن الذي علمه وهو غير حاكم لا اعتداد به، لأن علمه في حال لا ينفذ حكمه فيها فباطل، لأن العدل إذا شهد أمضى الحاكم شهادته، وإن جوز أن يكون تحملها في حال فسقه، وكذلك تقبل شهادة العدل البالغ وإن جوز أن يكون قد تحملها في حال طفوليته.
فإن قيل: لو جاز للحاكم أن يحكم بعلمه لكان في ذلك تزكية لنفسه.
قلنا: التزكية حاصلة للحاكم بتولية الحكم له، وليس ذلك بتابع لإمضاء الحكم فيما علمه.
ثم هذا لازم في إجازتهم حكم الحاكم بعلمه في غير الحدود، لأنه تزكية لنفسه، ولا يختلفون أيضا في أنه يقبل منه جرحه لشاهده وإسقاط شهادته ولا يكون ذلك تزكية لنفسه.
فإن قالوا: إذا حكم بعلمه فقد عرض نفسه للتهمة وسوء الظن به.
قلنا: وكذلك إذا حكم بالبينة والإقرار فهو معرض نفسه للتهمة ولا يلتفت إلى ذلك لوقوع التهمة في غير موضعها، لأن قبول الشهادة والسكون إلى عدالة الشاهد مما يجوز أن تقع في مثله التهمة.
ووجدت لابن الجنيد كلاما في هذه المسألة غير محصل لأنه لم يكن في هذا ولا إليه ورأيته يفرق بين علم النبي (صلى الله عليه وآله) بالشئ وبين علم خلفائه وحكامه (١).
وهذا غلط منه، لأن علم العالمين بالمعلومات لا يختلف، فعلم كل واحد بمعلوم بعينه كعلم كل عالم به، وكما أن الإمام أو النبي إذا شاهدا رجلا يزني أو يسرق